أبيات جميلة جداً .... للدكتور / عبدالرحمن العشماوي في رثاء الشيخ إبن عثيمين رحمه الله وأسكنه وجمعنا وإياه في جناته...... اللهم آمين
لحــــقَ الشيــخُ بـركبِ الصـالحين فلمـــاذا يــــا جراحـــي تنزفيـــــــن؟
ولمــــاذا يـــا فـــؤادي تشتكــــــي ولمــاذا يا دمــــوعي تَذرفيـــــــن؟
رحـــل الشيـــخ عـــن الدنيــا التي كـــــلُّ ما فيها سوى الذِّكــــر لَعين
فــارقَ الـدنيـــا، ومـا الدنيـا سـوى خيمـــــــةٍ مَنصـــوبةٍ للعــــــابرين
فـــارقَ الدنيـــا التــي تَفَنَــى إلـــى منـــزلٍ رَحبٍ وجنـــاتٍ، وَعِيــــن
ذاكَ مـــا نــرجو، وهـــذا ظنـُّنـــــا بالــــذي يغفـــــر للمستغفــــــرين
رحــل الشيـخُ علـى مِثــلِ الضُّحـَى مـــن صلاحٍ وثبــــاتٍ ويقيـــــن
فـلمـــــاذا أيُّهــــــا القـلـــــــبُ أرى هـــــذه اللَّوعَةَ تسري في الوَتين؟
ولمــــاذا يـــا حـــروفَ الشعـر عـــن ســـــــرِّ آلام فؤادي تكشفيـــــن
أتـــركي الحســرةَ فـــي مــوقعهــا تتغذَّى مــن أســـى قلبي الحزين
وارحلــي بــي رحـلـــةً مــُوغـلـــة في حــياةِ العُلماءِ الأكرميــــــن
واسلـُكــي بــي ذلكَ الــــدَّربَ الذي ظِلُّه يحمي وجـــــــوهَ السالكيــــن
يــا حــروفَ الشعــر لا تَصطحبــي لغـــةَ الشعــــر الى جُرحي الدَّفين
ربمــــاأحــــرقهــــا الجـــرحُ، فمــا صــار للشعـــر فَمٌ يَروي الحنيـــــن
واتـــــركــــــي لــــوعةَ قلبي، إنَّها تـــارةً تقســـو، وتــــاراتٍ تَليـــن
وادخلـي بي واحــةَ العلـــم التــــي فُتحت أبوابُهـــــا للوافــــديـــــــن
عنـــدها ســوف نــرى النَّبـعَ الـذي لـــــم يزل يَشفي غَليلَ الظامئين
شيخــُنــــــا مــــا كــانَ إلاَّ عَـلَـمــا يتســــــــــامى بخشوع العابــــدين
عـــالـــمُ السنَّـــةِ والفقـــهِ الـــــذي هــــــــزم اللهُ بـــه المبتــــــدعين
لا نــــزكّيــــه، ولكنَّـــــا نــــــــــرى صُوراً تُلحِقـــُه بالصادقيـــــــــن
فـي خيـــوط الشمس ما يُغني، وإن أنكـــــرتها نظـــــراتُ الغافليــــن
راحـــــلٌ مــــا غــاب إلا جسمُـــــــه ولنــا من علمه كنزٌ ثميــــــــــن
مــــا لقينـــــاه عـلـــى دَربِ الهــوى بــل على دَربِ الهُداةِ المهتديــن
لـَكــــأني أُبصــــــر الدنيـــــا التـــــي بـــــذلت إغـــراءَها للناظريـــن
أقبـــلـت تَعـــــرض مــن فتـنـتهـــــا صــــوراً تَسبي عقول الغافليــن
رقصَــت مــــن حـــــولـــه، لكنَّهــــا لــــم تجد إلا سُموَّ الزَّاهديـــ،ن
أرســــل الشيــــــخُ إليهــــا نَظـــــرة من عُزوف الراكعين الساجدين
فمضــــــــــت خـــائبـــــةً خاســـــرةً تتحـــاشى نظـــراتِ الشَّامتيـــن
أخـــــــرجَ الــدنيـا من القــلبِ، وفي كفِّه منها بلاغُ الراحــــليــــــــن
لــم يكـــن في عُــزلــةٍ عنها، ولــــم يُغلقِ البابَ عن المسترشديـــن
غيــــرَ أنَّ القــلبَ لــم يُشغَـــل بهــــا كــــان مشغـــولاً بربِّ العالمين
أوَ مــــا أعــــرض عنهــــا قَبـلــــــَه سيِّدُ الخلــــقِ، إمامُ المرسليـــن
أيُّهــــا الشيــــــخُ، لقـــد علَّمتنــــــــا كيف نرعى حُرمَةَ المستضعفين
كـيـــــف نَستـَشعـــِرُ مــــن أمَّتنـــــــا صرخة الثَّكلَى ودَمعَ الَّلاجئيــن
كيــــف نبنـــــــي هِمَّــةَ الجيــل على منهج التقوى، ووعي الراشديـن
كـنـتَ يـــا شيــــخ عـلــى علــمٍ بمــا نـــالنــــا مـــن غَفلةِ المنهزميـن
قـومـُنــا ســـاروا عـلــى درب الرَّدَى فغـــدوا ألعوبةَ المستعمـــريــن
شــرَّقـــوا حــينـــاً وحــينـــاً غــرَّبوا واستُبيحت أرضهم للغاصبيــن
هـجــروا الصَّـــالــــحَ مـــن أفكارهم فتلقَّتهم يـــدُ المستشـــرقيــــن
وارتمـــوا فـــي حضن أرباب الهوى من ذيول الغاصب المستعربيــن
ضيـَّعــوا الأقصـــى وظنُّـــوا أنَّـــــهم ســـوف يحظون بِسِلمِ المعتــدين
فــــإذا بـــالفـــارس الطفــــل عـلــى هـــامــــة المجد ينادي الواهميـن
صــــــاغهـــــا ملحمـــةً قــُدسيَّـــــــةً ذكَّرتنــا بشمــــوخ الفاتحيـــــن
قــالهــــا الطفــــلُ، وقُـلنــا مـعـــــــه إنَّ بيــعَ القدس بَيعُ الخاســرين
أيُّهــــــا الشيـــــــــخُ الــذي أهدى لنا صُوَراً بيضاءَ من علــمٍ ودين
لــــم تـكــــن تـغـفــــل عـــن أمـَّتـنـــا وضــــلالاتِ بَنيهــــا العابثيــــن
كـنــتَ تـــدعــــوها إلـــى درب الهُدَى وتناديهــــا نداءَ المصلحيـــن
قلـــــتَ للأمــــةِ، والبـــؤسُ عــلــــى وجهها الباكي غبــــارٌ للأنين:
إنــمــــا تغســـــل هــــــذا البوسَ عن وجهكِ الباكي، دمــوع التائبين
أيهــــا الشيــــــخُ الــــذي ودَّعـَنــــــا عالــيَ الهمَّةِ وضـــــَّاح الجبين
نـحــــن نلقـــاك وإن فــارقـتـَـنـــــــــا في علــــــومٍ بقيت للرَّاغبيـن
أنــــتَ كـــالشــمسِ إذا مـــا غــــَربَت أهدتِ البَدرَ ضياءَ المُدلجين
أنـــتَ مـــــــــــا ودَّعـتَـنــــا إلاَّ إلــــى حيث تُؤويكَ قلوبُ المسلمين
إن بكينــــاكَ فـــــإنّـــــا لـــم نــــــــزل بقضــــاء الله فينــا مُوقنيـــن
فــــي وفــــاةِ المـصـطفـى سـلـوَى لنا وعزاءٌ عن وفاةِ الصالحين
ذلـك الــرُّزءُ الـــــذي اهتــــزَّ لـــــــــه عُمَرُ الفاروقُ ذو العقل الرزين
مــــــاتَ خيــــــرُ النـــــــاس، هذا خَبَرٌ تـــــرك الناسَ حيارى تائهيــن
طـــاشــــت الألبـــــــابُ حتـــى سمعوا ما تلا الصدِّيقُ من قولٍ مُبين
لا يعـــزِّينـــــا عــــن الأحبــــابِ فــــي شدَّةِ الهــول سوى مـَوتِ الأمين
إنـهــــا الـــرُّوح التـــــي تسمــــــو بنا ويظلُّ الجسم مــــن ماءٍ وطين
يحـــــزن القــلـــــب ولـكنَّــــا عــلــــى حــُزنـه نَبني شموخ الصابرين
تحياتي للجميع // أخوكم المحب المناجي