متى يقتل الإنسان نفسه ؟؟
الإجابة :
حين تصبح الحياة غير محتملة .. حين تصبح عديمة القيمة .. حين تصير عديمة الجدوى .. حين لا يوجد أي حل للخلاص من الآلام .. حين يكون الموت هو طريق الخلاص الوحيد …
ما هي هذه الآلام ؟
أعتذر لأني لا أستطيع أن أصفها بدقة .. و لكن مريض الاكتئاب يقول :
" أشعر بألم في الداخل .. أشعر بتمزق داخلي .. أشعر بالنار في أحشائي و في صدري .. لم أعد أحتمل هذا الألم " .
.. هذا، عزيزي القارئ ، ما يسمى بالألم النفسي .. هل تستطيع أن تقارنه بالآم الأسنان أو بالمغص الكلوي ؟
مريض الاكتئاب يجيب :
" أي ألم محتمل إلا هذا الألم .. أتمنى أن أفقد ذراعيّ معاً و أشفى من هذا الألم .. أي مرض في العالم مهما كانت آلامه أهون من هذا الألم " .
و المأساة أن مريض الاكتئاب في بعض الحالات يشعر أنه يستحق هذا العذاب .. إنه الإحساس بالذنب دون أي ذنب اقترفه .. بل إنه يزيد من تحقير ذاته و التقليل من قيمتها .. يشعر أنه عالة على الآخرين .. أنه سبب معاناتهم …
يبدأ المرض بفقدان الاهتمام و فقدان الرغبة .. الألوان كلها باهتة .. لا طعم لأي شيء .. وذلك قبل أن يشعر بقتامة الأشياء و مرارتها .. ثم يجرفه الحزن .. حزن غريب في عمقه و حدَّته ؟؟ رغبة في البكاء .. تشاؤم .. خوف .. هواجس .. يفتح عينيه قبل الفجر بقليل و الكل نيام .. إنها أسوأ لحظة .. في المساء تخف الحدة نسبياً .. و يهرع الى السرير هروباً .. يضعف التركيز .. تضعف الشهية للطعام .. يتناقص وزنه .. و يبدأ في الانعزال التدريجي .. حتى يصل إلى المرحلة الحرجة حين يقول إن الحياة لا تستحق أن نحياها .. ثم يقول : أنا لا أستحق الحياة .. و تراوده فكرة الخلاص .. فيدبر لها بإحكام و إتقان .. ثم يتم التنفيذ دون توقع من أقرب الناس إليه ..
و قد يلبس الاكتئاب قناعاً .. إنه يختفي وراء آلام الجسد : المعدة .. القلب .. الظهر .. أي جزء من الجسم يتولى التعبير عن الاكتئاب .. و يظل المريض حائراً تائهاً .. شهوراً تمتد إلى سنة أو أكثر .. و الاكتئاب لا يريد أن يفصح عن نفسه ، حتى أن الاطباء أطلقوا عليه إسم " الاكتئاب المقنع " .
.. و قد يسمع مريض الاكتئاب أصواتاً غير حقيقية أي هلاوس .. و لكنها أصوات تشتمه و تؤنبه و تحقره و تدعوه إلى أن يجهز على نفسه .. و قد يصاب بالهذاءات و الضلالات كأن يعتقد بأنه مصاب بمرض خبيث .. أو أن جزءاً من جسده – مثل القلب – قد توقف عن العمل ، أو أن هذا الجزء لم يعد موجوداً .
أعراض غريبة مؤلمة لا يعرف كم هي معذبة و مهلكة إلا من عبر بها .. إلا من عانى منها .. أعراض يجب ألا نأخذها باستخفاف ، فنطلب من المريض أن يقاومها بإرادته ، ونضغط عليه لكي يشاركنا الحياة ، و إن الأمر سيتحسن إذا هو قاوم بإجازة و ذهب للترويح عن نفسه .. أبداً إنه لن يستطيع .. فارحموه من تلك النصائح غير المجدية .
---------------------------------
نقلاً من : حكايات نفسية للدكتور عادل صادق
الإجابة :
حين تصبح الحياة غير محتملة .. حين تصبح عديمة القيمة .. حين تصير عديمة الجدوى .. حين لا يوجد أي حل للخلاص من الآلام .. حين يكون الموت هو طريق الخلاص الوحيد …
ما هي هذه الآلام ؟
أعتذر لأني لا أستطيع أن أصفها بدقة .. و لكن مريض الاكتئاب يقول :
" أشعر بألم في الداخل .. أشعر بتمزق داخلي .. أشعر بالنار في أحشائي و في صدري .. لم أعد أحتمل هذا الألم " .
.. هذا، عزيزي القارئ ، ما يسمى بالألم النفسي .. هل تستطيع أن تقارنه بالآم الأسنان أو بالمغص الكلوي ؟
مريض الاكتئاب يجيب :
" أي ألم محتمل إلا هذا الألم .. أتمنى أن أفقد ذراعيّ معاً و أشفى من هذا الألم .. أي مرض في العالم مهما كانت آلامه أهون من هذا الألم " .
و المأساة أن مريض الاكتئاب في بعض الحالات يشعر أنه يستحق هذا العذاب .. إنه الإحساس بالذنب دون أي ذنب اقترفه .. بل إنه يزيد من تحقير ذاته و التقليل من قيمتها .. يشعر أنه عالة على الآخرين .. أنه سبب معاناتهم …
يبدأ المرض بفقدان الاهتمام و فقدان الرغبة .. الألوان كلها باهتة .. لا طعم لأي شيء .. وذلك قبل أن يشعر بقتامة الأشياء و مرارتها .. ثم يجرفه الحزن .. حزن غريب في عمقه و حدَّته ؟؟ رغبة في البكاء .. تشاؤم .. خوف .. هواجس .. يفتح عينيه قبل الفجر بقليل و الكل نيام .. إنها أسوأ لحظة .. في المساء تخف الحدة نسبياً .. و يهرع الى السرير هروباً .. يضعف التركيز .. تضعف الشهية للطعام .. يتناقص وزنه .. و يبدأ في الانعزال التدريجي .. حتى يصل إلى المرحلة الحرجة حين يقول إن الحياة لا تستحق أن نحياها .. ثم يقول : أنا لا أستحق الحياة .. و تراوده فكرة الخلاص .. فيدبر لها بإحكام و إتقان .. ثم يتم التنفيذ دون توقع من أقرب الناس إليه ..
و قد يلبس الاكتئاب قناعاً .. إنه يختفي وراء آلام الجسد : المعدة .. القلب .. الظهر .. أي جزء من الجسم يتولى التعبير عن الاكتئاب .. و يظل المريض حائراً تائهاً .. شهوراً تمتد إلى سنة أو أكثر .. و الاكتئاب لا يريد أن يفصح عن نفسه ، حتى أن الاطباء أطلقوا عليه إسم " الاكتئاب المقنع " .
.. و قد يسمع مريض الاكتئاب أصواتاً غير حقيقية أي هلاوس .. و لكنها أصوات تشتمه و تؤنبه و تحقره و تدعوه إلى أن يجهز على نفسه .. و قد يصاب بالهذاءات و الضلالات كأن يعتقد بأنه مصاب بمرض خبيث .. أو أن جزءاً من جسده – مثل القلب – قد توقف عن العمل ، أو أن هذا الجزء لم يعد موجوداً .
أعراض غريبة مؤلمة لا يعرف كم هي معذبة و مهلكة إلا من عبر بها .. إلا من عانى منها .. أعراض يجب ألا نأخذها باستخفاف ، فنطلب من المريض أن يقاومها بإرادته ، ونضغط عليه لكي يشاركنا الحياة ، و إن الأمر سيتحسن إذا هو قاوم بإجازة و ذهب للترويح عن نفسه .. أبداً إنه لن يستطيع .. فارحموه من تلك النصائح غير المجدية .
---------------------------------
نقلاً من : حكايات نفسية للدكتور عادل صادق