لمن تصفو الحياة؟ موضوع جميل قرأته وأحببت أن تشاركوني الرأي فيه ..
يقول الكاتب:كثيرون يسألون أنفسهم هذا السؤال, وكثيرون يعجزون عن الإجابة عنه: لأنها تختلف باختلاف تحديدهم لمفهوم السعادة والراحة, الأمر الذي أصبح الاتفاق على تحديده "رابع" المستحيلات, إن كانت ما تزال "ثلاثة".
قال قوم: إن السعادة في "الصحة", وقال آخرون: إنها في "الإيمان", وقال غيرهم إنها في "الطمأنينة". وهناك من يرها في "الغنى", وأصحاب هذا الفهم نراهم يذهبون لحظات السعادة الحقة في دنياهم, بحثاً وراء ما يسمونه ـ وهماً ـ "بالسعادة".
خلافٌ كبيرٌ, قد تمضي أعمار وأجيال, والناس لم يلتقوا على تحديد لمفهومه, وقديماً قال أحد الشعراء فيما نعتبره محاولة فردية, للإجابة عن التساؤل:
تصفو الحياةُ لجــاهلٍ أو غافـــلٍ .......... عما مضى منهــا, وما يتوقــــعُ
ولمن يغالطُ في الحقائق نفسه .......... ويسومها طلب المحالِ, فتطمعُ
ولكن هل صحيح أن صفاء الحياة مقصورٌ على الجهلةِ, والغافلين, والمخادعين؟ أنا أشك كثيراً في هذا القول, وأحسب أن قائلهُ كان واقعاً تحت تأثير ما نسميه بخيبة الأمل.
وإذا كنا لم نصل بعد إلى تحديد لمفهوم السعادة, فلنتساءل عن التأثير الواقع لفقدنها, وكيف يعبر الناس عن شعورهم بها, ولهفتهم عليها؟
قال أحد الشعراء قديماً: إن "الشكوى" هي التعبير الصادق عن عدم الرضا بالواقع, والقناعة به. ودفعهُ رأيهُ إلى ما لا ينتهي من الغرابة والدهشة, لكثرة ما شاهد من شكوى الناس, وتذمرهم من واقعهم, حتى لقد حمله ما رآهُ على تساؤله الذي لا يخلو من الطرافة:
كلُ من لا قيتُ يشكو دهرهُ .......... ليت شعري: هذه الدنيا لمن؟
وهذا في رأيي هو الآخر,, أحد ضحايا التشاؤم, وخيبة الأمل, وإلا فقد قرأنا من أقوال الجانب الآخر ـ الأكثر تفاؤلاً ـ ما يمكن أن تعتبره أقرب إلى الحقيقة من سابقه, إذ قالوا: من لوازم الحياة , التي لا تنتهي مطالبها عند حد وبالقدر الذي تتمكن فيه من التعبير عن آمالك ومطامحك؛ يكون نصيبك من اهتمام الناس وتقديرهم .. وأمعنوا في تفاؤلهم, فقالوا: إن صراخ الوليد, ساعة وجوده, وبعدها؛ إنما هو إثبات لوجوده, وجزء من مطالبته بحقه منها., وهذا التعبير فيه من الواقعية, بقدر ما فيه من الطرافة.
وكتاب الله, وسنة نبينا ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ يحيكان لنا كلا النهجين في قوله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في كبد)
وقوله: (كلا إن الإنسان ليطغى* أن راءاه استغنى)
وقول نبينا ـ عليه السلام ـ ( لو أعطي ابن آدم واديين من ذهب,لابتغى لهما ثالثاً, ولا يملأ فم ابن آدم إلا التراب).
فالمتاعب واقعة, لأنها توجد مع الإنسان, تهادنه حيناً, لكنها لا تفارقه. ولربما اعتبرها بعض المكافحين إحدى وسائل اللذة, فالمكافح قد يتطرق السأم إلى قلبه, ونفسه لو طال به الأمد, فلم يلتق بما يضاعف عزيمته, ويقوي إقدامه, من العقبات والمتاعب, لأنها لموهبه الدفاعية "كالشحذ للمطواة" يقوي من مضائها وفتكها, كلما اجتاز "عقبة", زاده تقلبه "قوة" على كفاحه المرتقب, حتى يصبح الجهاد, والكفاح, من مقوماته, ومتطلباته, لينتهي به المطاف إلى درجة الإقدام والتضحية تماماً كما يقول الشاعر:
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا .......... فأيسر ما يمر به الوحل
لكني أرى السعادة الحقة, في الإيمان المطلق بالله سبحانه وتعالى, والتسليم بعظيم قدرته وشمول إحاطته وعلمه, وإن ما شاء كان, وما لم يشأ لم يكن, وأن الأمة لو اجتمعت على نفعٍ, أو ضر, لم تقدر على بذل الأول, وأدفع الثاني, إلا بأمر الله وتقديره.
تحياتي .. ضياء
يقول الكاتب:كثيرون يسألون أنفسهم هذا السؤال, وكثيرون يعجزون عن الإجابة عنه: لأنها تختلف باختلاف تحديدهم لمفهوم السعادة والراحة, الأمر الذي أصبح الاتفاق على تحديده "رابع" المستحيلات, إن كانت ما تزال "ثلاثة".
قال قوم: إن السعادة في "الصحة", وقال آخرون: إنها في "الإيمان", وقال غيرهم إنها في "الطمأنينة". وهناك من يرها في "الغنى", وأصحاب هذا الفهم نراهم يذهبون لحظات السعادة الحقة في دنياهم, بحثاً وراء ما يسمونه ـ وهماً ـ "بالسعادة".
خلافٌ كبيرٌ, قد تمضي أعمار وأجيال, والناس لم يلتقوا على تحديد لمفهومه, وقديماً قال أحد الشعراء فيما نعتبره محاولة فردية, للإجابة عن التساؤل:
تصفو الحياةُ لجــاهلٍ أو غافـــلٍ .......... عما مضى منهــا, وما يتوقــــعُ
ولمن يغالطُ في الحقائق نفسه .......... ويسومها طلب المحالِ, فتطمعُ
ولكن هل صحيح أن صفاء الحياة مقصورٌ على الجهلةِ, والغافلين, والمخادعين؟ أنا أشك كثيراً في هذا القول, وأحسب أن قائلهُ كان واقعاً تحت تأثير ما نسميه بخيبة الأمل.
وإذا كنا لم نصل بعد إلى تحديد لمفهوم السعادة, فلنتساءل عن التأثير الواقع لفقدنها, وكيف يعبر الناس عن شعورهم بها, ولهفتهم عليها؟
قال أحد الشعراء قديماً: إن "الشكوى" هي التعبير الصادق عن عدم الرضا بالواقع, والقناعة به. ودفعهُ رأيهُ إلى ما لا ينتهي من الغرابة والدهشة, لكثرة ما شاهد من شكوى الناس, وتذمرهم من واقعهم, حتى لقد حمله ما رآهُ على تساؤله الذي لا يخلو من الطرافة:
كلُ من لا قيتُ يشكو دهرهُ .......... ليت شعري: هذه الدنيا لمن؟
وهذا في رأيي هو الآخر,, أحد ضحايا التشاؤم, وخيبة الأمل, وإلا فقد قرأنا من أقوال الجانب الآخر ـ الأكثر تفاؤلاً ـ ما يمكن أن تعتبره أقرب إلى الحقيقة من سابقه, إذ قالوا: من لوازم الحياة , التي لا تنتهي مطالبها عند حد وبالقدر الذي تتمكن فيه من التعبير عن آمالك ومطامحك؛ يكون نصيبك من اهتمام الناس وتقديرهم .. وأمعنوا في تفاؤلهم, فقالوا: إن صراخ الوليد, ساعة وجوده, وبعدها؛ إنما هو إثبات لوجوده, وجزء من مطالبته بحقه منها., وهذا التعبير فيه من الواقعية, بقدر ما فيه من الطرافة.
وكتاب الله, وسنة نبينا ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ يحيكان لنا كلا النهجين في قوله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في كبد)
وقوله: (كلا إن الإنسان ليطغى* أن راءاه استغنى)
وقول نبينا ـ عليه السلام ـ ( لو أعطي ابن آدم واديين من ذهب,لابتغى لهما ثالثاً, ولا يملأ فم ابن آدم إلا التراب).
فالمتاعب واقعة, لأنها توجد مع الإنسان, تهادنه حيناً, لكنها لا تفارقه. ولربما اعتبرها بعض المكافحين إحدى وسائل اللذة, فالمكافح قد يتطرق السأم إلى قلبه, ونفسه لو طال به الأمد, فلم يلتق بما يضاعف عزيمته, ويقوي إقدامه, من العقبات والمتاعب, لأنها لموهبه الدفاعية "كالشحذ للمطواة" يقوي من مضائها وفتكها, كلما اجتاز "عقبة", زاده تقلبه "قوة" على كفاحه المرتقب, حتى يصبح الجهاد, والكفاح, من مقوماته, ومتطلباته, لينتهي به المطاف إلى درجة الإقدام والتضحية تماماً كما يقول الشاعر:
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا .......... فأيسر ما يمر به الوحل
لكني أرى السعادة الحقة, في الإيمان المطلق بالله سبحانه وتعالى, والتسليم بعظيم قدرته وشمول إحاطته وعلمه, وإن ما شاء كان, وما لم يشأ لم يكن, وأن الأمة لو اجتمعت على نفعٍ, أو ضر, لم تقدر على بذل الأول, وأدفع الثاني, إلا بأمر الله وتقديره.
تحياتي .. ضياء