للمهتمين بالتعليم (الجزء الثاني)

  • نعتذر عن الأخطاء التقنية في الموقع ، جاري العمل على إصلاحها

    هذا المنتدى وقف لله تعالى


15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
في كتابه "رسائل إلى معلمة يافعة" وفي الفصل الأول بعنوان"حياة مع أطفال المدرسة" يوجه المؤلف جوناثن كوزول رسالته الأولى إلى المعلمة ويذكر أن التعليم عمل عظيم وأن معلمي ومعلمات الأطفال يقومون بواحد من أفضل الأشياء في الحياة وهو إدخال البهجة والغموض والمرح بشغب-نعم بشغب- في قلوب الأطفال في سنوات نهمهم المعرفي وفضولهم.
ويتحدث عن زياراته لبعض الفصول بدعوة من المعلمين والمعلمات –كمعلم صاحب خبرة- وحرصه على طرح اسئلة على الطلاب والطالبات تجعلهم يتسابقون إلى رفع أصابعهم والوقوف ومد أيديهن والإشارة بايديهن للفت انتباه المعلم وعندما وقع الاختيار على طفلة حرصت على رفع يدها بحماس، لم تجب لأنها نسيت السؤال فيقول المؤلف:"لقد تبين لي أنها لا تعرف الإجابة وإنما أرادت أن انتبه لوجودها فقط"
وهذا يذكرني بحكمة ذكرتها من قبل وهي أن" العصفور لا يغني لأنه يملك الإجابة لسؤال ما وإنما يغني لأن عنده أغنية" ويذكرني بالمعلمة التي تمنت لو أن معلمة من معلماتها- في طفولتها- كانت تسمع صوتها لأنه صوتها لا لأنها تملك الإجابة الصحيحية.
ويذكر المؤلف-المعلم- في الفصل نفسه أن معلمي الأطفال ليسوا خدما للمنظمات الكبرى ولسوق العمل ولا ينبغي أن ينظروا إلى الأطفال على أنهم وحدات اقتصادية مستقبلية للشركات ولسوق العمل أو أصول للإقتصاد في البلد الذي يعيشون فيه.
أن التعامل مع الأطفال على هذا الاساس يحرمهم من التمتع بطفولتهم ويحرم الوالدين من ذلك أيضا.
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
يتحدث وليام كراين في كتابه"إستعادة الطفولة" عن الطفل بين الثالثة والثامنة من عمره ويذكر أن هناك توجهات تريد لهذا الطفل أن يختزل سنوات عمره وأن يحرق المراحل ليكون له شأن في الإبتدائية وما بعدها ثم في الجامعة ثم الوظيفة المناسبة وفي سوق عمل لا يرحم.
يقول" إلا أن التوتر الذي يصيب الأطفال نصف القصة فالأطفال أيضا يُحرمون من الخبرات التي يحتاجونها للنمو الصحيح.وكما قال جان جاك روسو قبل قرنين من الزمان فإن الأطفال تتطور لديهم استعدادات مختلفة في مراحل حياتية مختلفة. وعندما نركز على ما يحتاجه الطفلُ مستقبلا فإننا نجرده من فرصة تطوير استعداداته في مرحلته الراهنة."
ويذكر المؤلف أن بحوثا كثيرة توضح أن الطفل بين 3-8 من عمره تتطور حواسّه وبدنه- وكما يؤكد هاورد جاردنر- الجانبُ الفني من شخصيته . فالأطفال يحبون الغناء والرقصَ والرسمَ وتأليف الشعر والتمثيل كما ان الواحد منهم قد يتخيل رفيقا يخاطبه وينيمه إلى جواره الخ. وبنهاية الثامنة يدخل الطفلُ مرحلة التفكير المنطقي.
سؤالي أنا:
هل تأبه مدارسنا- وأخص التمهيدي- بل بيوتنا لهذا التسلسل؟
هل تعطيهم الوقت الكافي للعب الحر والرسم الحر والتمثيل والغناء بعفوية؟
بل هل تهتم المدن العربية بهذه الجوانب من الطفولة؟الجواب محزن جدا
ما النتيجة؟؟؟
يقول المؤلف:" لا بد أن الطفلَ في مرحلة ما يصل إلى نتيجة أن الأهم بالنسبة للكبار ليس" أنا" ولا النبضات الإبداعية القوية والطبيعية الموجودة في داخلي بل الأهم بالنسبة لهم هو كيف ينبغي أن افكر من منظورهم هم. ولا بد أن الطفل يشعر بأنه يُقاد إلى قالب عقلاني خارجي......"
والتوجه الذي يجعل الطفل مركز العملية التعليمية لا يُملي عليه كيف يلعب وكيف وماذا يرسم الخ بل يستقي كل هذا من إشارات الطفل نفسه بالانتباه لاهتماماته ومشاعره وما يلفت انتباهه وبهذا يتيح له الاكتشاف والمعرفة والسؤال والفحص والتحقق والاستنتاج بنفسه وبسرعته وبدون ضغط ممن يحيط به.
يحتاج الأطفال إلى هذه الأجواء في البيوت والمدارس والمتاحف التعليمية والحدائق والملاعب.( اين هي في مدننا؟)
ولقد سررت كثيرا لعبارة جون هولت في كتابه "كيف يتعلم الأطفال"،:"عندما يذهب الأطفال إلى المدرسة يغنون كثيرا، إلا أنهم يغنون الأغاني نفسها التي يغنيها المعلمُ ويعلمهم إياها. والهدف: أن يغنوا بشكل صحيح وليس أن يخرجوا بشيء جديد"
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
سأمضي بعض الوقت مع كتاب"كيف يتعلم الأطفال" والمؤلف كما ذكرت جون هالت. يتحدث عن طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها 16 شهرا وعن حبها – كبقية الأطفال-للإكتشاف والإمساك بكل شيء يصادفها ومحاكاة الكبار في ما يفعلونه غيرَ مدركة بطبيعة الحال للمخاطر التي قد تواجهها من اللعب بالكهرباء أو الإمساك بالأشياء الساخنة ولهذا تواجه الكثير من المنع لأن البيئة التي تعيش فيها مليئة بأمور قد تؤذيها وتهدد حياتها وبهذا تشعر بأن الحياة بدلا من أن تكون مليئة بالأشياء المثيرة التي يمكن اكتشافها ، مليئة بمخاطر كثيرة وأمور توقعها في المشاكل.( ومنازلنا غير مهيئة للعب الطفل بأمان والمدارس كذلك والشوارع والأرصفة كذلك ولا وجود لحدائق ولا ملاعب خاصة بهم ولا متاحف تعليمية ) وهذا يحرمها من الاكتشاف والتعرف على العالم وفهمه والحركة الحرة وهذا هو التعلم (أقصد فهم العالم وكيف تسير أموره)(طبعا التعليم عندنا هو ذهاب الطالب إلى المدرسة وبقية القصة معروفة)
ولا شك أن حل هذه الإشكالية ليس بالأمر السهل ولذلك نلجأ لشراء العاب لها لتلهو بها إلا أن هذا لا يجدي كثيرا. لماذا؟
لأن الألعاب ليست مما يلفت اتنباهها كثيرا أو ليست مشوقة بالنسبة لها وثانيا لأنها لا تتذكر – حتى لو أرادت-ما الذي يُسمح لها بلمسه وما الذي لا يُسمح لها بلمسه.وثالثا لأن الكبار يتعاملون مع أمور أخرى في البيت تُحدث أثرا ونتائج مشوقة بالنسبة لها.وبالتالي تريد أن تفعل ما يفعله الكبار ولن تقبل بالبدائل أي الألعاب أحيانا.ورابعا لأنها تريد أن تشعر بأنها تحدث فرقا وتؤثر في الأشياء كما يفعل الكبار.
ويرى المؤلف أنه ليس من الصعب أن نشعر أن هناك خطأ في المدرسة خاصة بالنسبة لموضوع "الحافز" فالطفل يملك رغبة قوية للحركة بحرية ولفهم العالم المحيط به ولعمل ما يفعله الكبار فلم لا نستفيد من هذه الرغبة للفهم والكفاءة لدى الطفل؟
وأستغرب أنا ممن يستغرب غياب الحافز لدى طلابنا في مدارس(معتقلات) اليوم فيعملون على إيجاد حلول مع إبقاء الواقع على ما هو عليه- معلمين وعقليات وبيئات مدرسية ومناهج وأساليب تعامل وتقييد للحركة وتكرار ممل والتصاق بالكرسي ساعات طويلة والاستماع إلى محاضرات مملة من المعلمين ونصح وتأنيب وتقريع لا ينقطع وفوقية غريبة من قبل بعض المعلمين ناهيك عن الاستهزاء والسخرية وكما قلت وأعيد : سيطرة الإجابة الواحدة الصحيحة على البيئة الفصلية-
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
هنا سأترجم ما كتبه المؤلف.فبعد حديثه عن جانب لاحظه في الطفلة ذات 16 شهرا والملاحظة سجلها عام 1961 م كتب ( ويبدو أن ما سأترجمه كتبه آخر ثمانينات القرن العشرين أو أول تسعيناته):


" ومنذ ذلك الوقت قيل وكُتب الكثير عن أطفال التوحد الذين يبدو أنهم انسحبوا إلى عالمهم الخاص والذين لا يريدون أي نوع من الاتصال بالعالم الخارجي على الإطلاق. وتختلف الأقوالُ في الأسلوب الأنفع لعلاجهم. والحكمة التقليدية تقضي بأنه لا يمكن عمل شيء بالنسبة للحالات الحادة من التوحد وكل ما يمكن فعله هو تدريبهم على الاهتمام بأنفسهم بدنيا والقيام بالحد الأدنى من المتطلبات الاجتماعية ولا أكثر من هذا. ولكن هناك علاجات مدهشة. ففي كتاب ألفه باري كفمن بعنوان"نهوض الإبن" يصف المؤلفُ علاجا استخدمه هو وزوجته وكان له الأثر الجيد في إبنهم الذي شُخص على أنه يعاني من حالة توحد حادة ميؤوس من علاجها. والنقطة التي أود أن اشير إليها هنا هي أنهم بدؤوا علاجهم، وأول خطوة اتخذوها هي أنهم أسسوا تواصلا ضعيفا مع ابنهم المنسحب من عالمهم بمحاكاة كل ما يفعله ولو استغرق الأمر ساعات للمرة الواحدة. وكان هذا هو الباب أو الممر الذي استطاعوا عبره أن يقودوا ابنهم أو يقنعوه بالعودة إلى العالم الذي انسحب منه.


ولا أحد يمكنه أن يعرف لمَ نجح هذا العلاج.ولكنه يبدو صحيحا بالنسبة لي. فإذا شعرتُ بأنني أعيش في عالم يهددني ولا أتوقع ما سيحدث لي فيه وشعرت بأني من الضعف بحيث لا أستطيع أن أجازف في هذا العالم وأن عليّ أن أصنع عالما صغيرا آمنا خاصا بي ، فإن تهديدات العالم الخارجي ستكون أقل بالنسبة لي كما أن توقعاتي لما سيحدث ستكون أكثر وسأشعر بقوة أعظم إذا استطعت أن أحدث-أغير- شيئا في هذا العالم.


جميع الأطفال يجاهدون للمزيد من السيطرة على عالمهم المحيط بهم وجميعهم إلى حد ما يشعرون بالإهان والتهديد والخوف عندما يكتشفون(كما يحدث دائما) أنهم لا يملكون هذه السيطرة.ولعل أطفال التوحد يحتاجون لهذه السيطرة والتحكم أكثر من غيرهم ويزداد خوفهم عند عدم حدوث هذا، وبالتالي، على عكس الآخرين،ليسوا قادرين على النضال بصبر للحصول عليه وبدلا من ذلك ،على عكس أغلب الأطفال،ينسحيون من العالم الكبير المحيط بهم إلى عالمهم الصغير الخاص بهم"
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
في فصل"القراءة" يتحدث المؤلف –لا يزال- عن الفتاة ذات الأعوام الثلاثة ونصف (أصبح هذا عمرها) واسمها ليزا ويذكر أن من المهم وجود نماذج يقتدي بها الطفلُ ولكن من الواجب أن نذكر انفسنا بأن بعض النماذج قد تكون كفاءتها عالية جدا بالنسبة للطفل. فالطفلُ- في رأيه- يعلم أنه لا يعرفُ إلا القليل ولا يستطيع عمل أمور كثيرة وأن هذا قد يشعره بالخوف والإهانة وهذا لا يعني بحال أن نخفي كفاءتنا ومعرفتنا وعلمنا عن الطفل لأنه يستحيل أن نفعل ذلك ولكن علينا ان نعيَ أن جهلهم وعدم معرفتهم مؤلمة لهم فعلينا ألا "نمسح أنوفهم في ضعفهم" – حسب تعبيره- فالأمهات اللاتي يقمن بكل شيء بشكل جيد جدا، قد لا يكنّ نماذج لأطفالهن لأن الطفل لا يستطيع ما تفعله الأم بمثالية وقد يؤدي هذا إلى عدم المحاولة والاستسلام من قبل الطفل.
وهذا ينطبق على المعلمين والمعلمات ولعل هذا من أسباب تعلم الطفل الصغير من آخر يكبره بسنوات قليلة وبالتالي خبرات قليلة أكثر من تعلمه من والده أو معلمته مثلا.
من علم المؤلف هذا؟ إنها ليزا نفسها كما يقول. كيف؟ هاكم ما حدث.
أحضر المؤلفُ في زيارة من زياراته لمنزل ليزا بطاقات كُتبت عليها كلمات يستخدمها المعلمون لتعليم الطفل القراءة ووضعها على الطاولة وبعد حين سألته ليزا عنها فأجابها وأعلمها بأنه يستخدمها لتعليم الأطفال القراءة في المدرسة.وسألته ليزا إن كان يمكنها ان تستخدمها ورحب بذلك وطلب منها أن تشير إلى أي كلمة وهو ينطقها لأنه – حسب تعبيره- أراد أن يبعدها عن الخطر وأن يجعلها المتحكمة في اللعبة. ولكنه فوجئ بليزا تغير قواعد اللعبة وأصبحت تطلق على بعض الكلمات أسماء تختارها هي لأناس تعرفهم ثم توقفت عن استخدام البطاقات ولم تعد إليها ثانية. يقول:" لم أستطع أن أخفي حقيقة أن هذه لعبة أعرفها جيدا وتجهلها وأن هذا بحد ذاته يشكل تهديدا وإهانة لا تتحملها"
ثم يذكر في تعليقه المتأخر (طبعة جديدة للكتاب) أن الذي كان ينبغي أن يفعله هو أن يدعها تفعل بالبطاقات ما تشاء وتلعب بها كيف شاءت وتسأل الأسئلة التي تود بدون توجيه منه أو بدون أي اعتبار للهدف الذي من أجله صُنعت اللعبة أو البطاقات!
ويرى أن من أسباب ما فعلته ليزا هو محاولته تعليمها بدون أن تطلب منه ذلك "فروح الاستقلالية في التعلم واحدة من القيم الكبرى التي يمتلكها المتعلم وعلينا نحن الذين نريد أن نساعد تعلم الأطفال في البيت أوالمدرسة أن نتعلم احترام وتشجيع هذه القيمة" .
على كل حال هذا رأي المؤلف.
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
يقول المؤلف:"وهناك طفلة أخرى في الخامسة من عمرها اسمها نورا علمتني أكثر عن الأمور التي يقوم بها الأطفالُ عندما يعلمون أنفسهم القراءة،العقبات التي يواجهونها والطرق التي يتجاوزون بها العقبات أو يحاولون تجاوزها بها"
ثم يمضي في حديثه عن نورا واختيارها لكتاب أعد ليعلم الطفلُ نفسَه القراءة وجلوسه بجوارها وهي تقرأ ومحاولته كبح جماح الأستاذية التي نحب أن نمارسها مع الصغار دائما. ولاحظ أمرا توقف عنده وهو أن نورا تنطق كلمة بشكل صحيح في صفحة ثم تخطئ في نطقها في صفحة أخرى. لماذا؟؟؟؟(ماذا لو فعل هذا طفل في معتقل أقصد مدرسة؟؟لعلكم تعرفون)
يقول المؤلف:" لفهم مشكلات تعلم شخص آخر- خاصة الطفل- لا بد أن نحاول رؤية الأمور كما يرونها. وهذا أمر صعب جدا. ويكاد يكون مستحيلا أن تتخيل كيف سيكون الوضع لو أنك لا تعرف شيئا أنت في الحقيقة تعرفه"
وتبين للمؤلف أن نورا والأطفال في أعمار معينة لا يرون الكلمات كما نراها فالكلمات تبدو أمامهم أشكالا مضحكة وخربشة ولكننا نعتقد أن من السهل على الطفل تذكر كلمة رآها أو قرأها في صفحة سابقة . (المؤسف أننا نسينا كيف تعلمنا القراءة فأصبحنا الآن نسخر من الأطفال ونستغرب نسيانهم وقد نصفه بالغباء والبلاهة أو البطئ الخ من قاموس جهلنا وغبائنا نحن)
وقد حاول المؤلف خوض التجربة التي يخوضها الطفل بالحصول على كلمات بلغات أخرى لا يعرفها كالهندية فإذا به كالطفل يراها أشكالا وخربشة وتمر به الكلمات نفسها ولكنه لا يتذكرها .
يقول:" وبنفس الطريقة فإن الطفل يأخذ وقتا ليألف أشكال الأحرف والكلمات......"
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
ما الذي يجعل الطفلُ ينسى نطق الكلمة بالإضافة لما ذكره المؤلف في المقال السابق؟
إنه الإحساس الداخلي أو الحدس أو الشعور. كيف؟
يقول:" ما يجب ان نعرفه هو ان الطفل عندما يتبين له ان كلمة "هو" في صفحة 5 تُنطق (هُوَ) فإنه لا يعلم كما نعلم نحن ذلك، كما انه ليس متاكدا من ذلك"
وكلما مرت به الكلمة أو الخربشة أو الشكل أو الرسمة"هو" ينطقها بإحساسه وحدسه أنها هي "هو" التي رآها ونطقها في صفحة سابقة إلا أن حدسه هذا وشعوره ليسا بقوة وتمكن حدس وشعور الكبار الذين ألفوا هذا الشكل "هو".
يقول المؤلف:" وهذا هو ما يحدث لي في محاولتي تعلم قراءة الموسيقى، وأحد أسباب بطئي في التعلم هو عدم رغبتي في الثقة بشعوري الداخلي بل أظل أقول لنفسي بعد كل نوتة موسيقية"هل أنت متأكد أنها كانت صحيحة، هل أنت متأكد أنها كانت صحيحة؟"وقد بدأت الآن بتجاوز هذه العادة المعيقة.وبالتأكيد لن أستطيع تجاوزها إذا كان هناك من ينقض عليّ كلما أخطأت"(كما يفعل المعلمون الأشاوس بزعم أنهم يعلمون الأطفال)
يقول:" ومعرفتي هذه عن شعور الأطفال تجعل فهمي أوضح من قبل لماذا وكيف تؤدي المتابعة المستمرة لتعلم الأطفال إلى منع وتدمير تعلمهم بل ومع مضي الوقت تدمر استعدادهم للتعلم. "
إن هذا القلق والخوف من الإخفاق والعقوبة يقودان الطلاب بعيدا عن المعرفة التي يريد المعلم أن يوصلها لهم(بزعمه) إلى اختراع استراتيجيات لخداع المعلم حتى يظن أنهم يعرفون ما لا يعرفون في الواقع ويرى المؤلف أن الإختبارات تساعد أيضا في الدمار الذي يلحق بالطفل الذي نزعم أننا نعلمه.
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
الإختبارات!؟؟؟لماذا؟؟
يقول المؤلف:" طرح أسئلة على الأطفال عن أشياء بدأوا لتوهم بتعلمها يشبه الجلوس على كرسي انتهى صانعه لتوه من تلصيق أجزائه.سينهار البناء.وتحت الضغط ، يتوقف الأطفال عن محاولة توكيد(لعلها تأكيد) وتقوية شعورهم وحدسهم.وبدلا من ذلك يستسلمون."
كم من الطلاب لم يعرف الإجابة في الفصل أو تردد في الإجابة أو طرح سؤالا ليبحث في وجه المعلم وتعبيراته عن الجواب أو تحرج من الجواب خوفا من السخرية من قبل المعلم- نعم المعلم- والطلاب أو خوفا من عقوبة أو الخ ثم تراه في حالة الاسترخاء في الفسحة مثلا يعطي الجواب لصديق له أو يحدث به المعلمَ نفسه في رحلة مثلا بعيدا عن أجوء التوتر الفصلية التي تسيطر عليه الإجابة الصحيحة الواحدة؟؟ وهذا أيضا يحدث لأبنائنا وبناتنا في المنزل أو في السيارة مثلا . لمَ الحرص فينا على ممارسة الأستاذية والفوقية مع هؤلاء الأطفال؟ أم هي ثقافتنا؟؟؟
يقول المؤلف:" الأسئلة الغبية لا تهين وتغضب الأطفالَ فقط بل غالبا ما توقعهم في حَيرة قد تؤدي إلى تدمير ما تعلموه. قد يعرفون الإجابة على أسئلتنا، إلا أنهم يقولون لأنفسهم:"هذا الجواب لا يمكن أن يكون صحيحا ولا يمكن ان يكون الأمرُ بهذه السهولة وإلا لما سألوني هذا السؤال أصلا"
والمصيبة أننا قد نستنج من هذا كما يقول المؤلف أن الطفل يعاني من صعوبات تعلم. من يحدد؟؟؟ أسلوب في التعليم فاشل هو الذي يحدد!!!!!
ويتحدث المؤلف عن مؤتمر دُعي إليه خاص بصعوبات التعلم وان امرأة كانت تجلس بجواره حدثته عن ابنها ذي الخمس سنوات الذي لا يستطيع تعلم ما يتعلمه أقرانه وعن احساسها بالخجل من هذا الأمر وأنهم أرسلوه إلى مراكز خاصة لإجراء المزيد من الفحوصات والاختبارات.
وبعدين؟؟؟
يذكر المؤلف أنه فكر في الأمر وتخيل هذا الطفل واحساس أهله بالخجل لأنه ليس كأقرانه ثم إرساله إلى مركز يحس فيه بالتوتر من الأسئلة التي تطرح عليه واحساس الآخرين بأنه يعاني من مشكلة ما. ثم تقدم له لعبة تناسب أصحاب الثلاث سنوات ولعله يعرف ذلك مما يؤدي إلى احساسه بانه فقدوا الثقة في مقدرته على حل مشكلات تناسب عمره وأمام هذا الكم من عدم الثقة ينهار وهذا أمر طبيعي.والعجيب أن هذا قد يعطي والديه نوعا من الراحة لشعورهم بأن الخطأ ليس منهم بل المشكلة فيه هو. واو............وبعد كل هذا لا بد أن الطفل أصبح فعلا يعاني من صعوبات في التعلم.
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
ما الذي يجعل الطفل في المدرسة ينسى معلومة معينة؟ أهو ضعف ذاكرة أم عدم ثقة بالذاكرة؟ يرجح المؤلف الجواب الثاني. والسبب هو أستاذيتنا التي تريد دائما التصحيح والتدقيق والإنقضاض على أخطاء الطفل كما عبر المؤلف في مقال سابق.
ولهذا حرص المؤلف على عدم تصحيح نورا مع رغبته في ذلك لإن هذا سيضعف ثقتها في نفسها وشعورها تجاه الكلمة ورغبتها في المجازفة كما انه سيجعلها تعتمد عليه. ويرى المؤلف أن أغلب الناس بل كلهم لا يحبون أن يصححهم الآخرون ولا يملكون هذه الشجاعة ، شجاعة الاعتراف بالخطأ.
ثم وجد المؤلف سببا آخر يدعوه لعدم تصحيح أخطائها وهو أنها قادرة على ذلك بنفسها في الأغلب ولا شك أن هذا أفضل بكثير من أن يصحح أخطاءها هو.
ولكن هل يؤيد المعلمون هذا؟؟؟؟
يقول المؤلف:" لقد دفعتني الرغبة في مساعدة المعلمين والرغبة في تجنيبهم وتلاميذهم المشاكل إلى ذكر هذا لمعلمين كثر.ولوَهلة استغربت غضبَ كثير منهم لسماع هذا. وأدرك الآن أن ما قلته هدد حاجتهم للإحساس بأن الأطفال لا يتعلمون بدونهم"
وهناك قضية أخرى مهمة-ساعدت نورا على تعلم القراءة- وهي أن نورا كانت تقرأ قصة حقيقية فالأطفال عندما يقرؤون أو يقومون بأمور أخرى يبحثون عن المعنى. وأرجو من المعلمين والمعلمات الاهتمام بهذا الجانب حتى لا يُظلم الطلاب والطالبات فموضوع المعنى قضية مهمة ولا أقصد بالمعنى هنا انه يفهم معاني الكلمات بل أقصد به أنه مرتبط بحياته فله معنى من هذا الجانب. فالنصوص التي يقرؤها الطفل لا بد أن تكون لها معان مشوقة وحقيقية تمس الواقع وتمس المشاعر والأحاسيس لا معان مملة ومزيفة. وهذا –أي فقدان المعنى أو المعنى الممل- قد يكون من أسباب ضجر الطفل وبالتالي موت حافزه للتعلم وبالتالي وقوعه في أخطاء فيعمد المعلم لتصحيحها مستغربا-غير عارف- وقوع الطفل في خطأ تمّ تصحيحُه قبل ثوان والذي ينبغي ان يُستغرب هو استغراب المعلم لا أخطاء الطفل.
والنتيجة؟ ما نتيجة الأستاذية التي نمارسها على أطفالنا كما مورست علينا من قبل؟؟؟؟
يقول:"ونتيجة هذا خسارة كبرى. فكلما استخدم الطفل إحساسه بالتماثل بين الكلمات والتاغم بين الأشياء للوصول إلى معنى ومعرفة وتصحيح أخطائه ، كلما زاد إحساسه بأن طريقته في استخدام عقله تثمر ...."
والعكس صحيح فكلما قلّ هذا ، ضعُف استخدامه لعقله واعتماده على نفسه ويصبح المعلم هو الحكم وهومرجع الصح والخطأ. ما الذي قتلناه في الطفل وفي المجتمع بالتالي؟
"أحد أهم الأمور التي ينبغي أن يقوم بها المعلمون للمتعلم هو أن يقللوا اعتماده عليهم"
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
.
هل يمكن أن يتعلم الأطفال القراءة مثلا بدون أن نعلمهم القراءة؟
لقد وقفت أمام عبارة تقول:"لو علمنا الأطفالَ التحدث لما تعلم أحد". فالطفل يتعلم الكلام ممن يحيط به كما يتعلم أمورا كثيرة ممن يحيط به وقد يتقن الطفل عدة لغات لأنه يعيش في بيئة يتحدث فيها من حوله عدة لغات فلماذا يجد صعوبة –نسبيا من طفل إلى طفل- في تعلم القراءة والكتابة في المدرسة؟؟؟؟
لو عدنا إلى كتاب "كيف يتعلم الأطفال" يتحدث المؤلف عن هذا الموضوع وكيف أن بعض الآباء يقرؤون لأطفالهم في سن الثالثة بصوت مرتفع من كتب تربط الصورة بالكلمة إلا أن القراءة تكون بطريقة مشوقة للطفل والقارئ نفسه وليس بالضرورة أن يضع القارئ أصبعه على الكلمة ويطلب من الطفل ترديدها ..لا....لا، بل يقرأ ويقرا وقد يعيد القراءة يوميا ومع الأيام يربط الطفل بين الصورة والكلمة وقد يحفظ الكلمة فيقول الكلمة عندما يراها وهو لا يعرف أنها مكونة من أحرف وسيعرف هذا لاحقا فليس بالضرورة أن يبدأ بتعلم الحرف بل يمكن ان يحفظ الكلمة من شكلها ورسمها . وبعض الناس يضع ملصقات في البيت فعلى الثلاجة يضع كلمة "ثلاجة" وهكذا فيراها الطفل ويربط بينهما .
وفعلا شغلني هذا السؤال: هل يمكن أن نوفر بيئة في المدرسة أو البيت تتيح للطفل تعلم القراءة بنفسه وأهم من كل هذا- ومع هذا- تعلم حب القراءة وحب الكتاب والاطلاع والاكتشاف؟؟؟
طبعا لا يمكن هذا إذا كنا مستعجلين ونقارن ابنتنا بالأخريات مثلا.
ينبه المؤلف إلى قضية مهمة:
لا تقرأ للطفل بصوت مرتفع بهدف أن تعلمه القراءة......بل لأنك تريد أن تشركه بهجة قصة من القصص
أعجبني ما قاله المؤلف عندما قال بإننا نعامل أطفالنا كما لو كانوا قطارا يسير على القضبان وفق جدول معين بحيث يجب أن يصل إلى محطة كذا الساعة الثامنة مثلا وأي تأخير في محطة سابقة تؤخره عن اللاحقة."إلا ان الاطفال ليسوا قطارات.ولا يتعلمون بسرعة واحدة.ويتعلمون في لحظات وكلما كانوا مهتمين بالذي يتعلمونه كلما كانوا اسرع ...."
بل –كما يذكر- لا يتعلمون وفق منطقنا او التسلسل المنطقي أي الأسهل فالأصعب.فلأنهم باحثون عن المعنى (وهذه قضية مهمة جدا) فقد يذهبون للأصعب الذي يحمل معنى أكبر ثم ينتقلون إلى الأسهل.(لا ينطبق هذا على المهارات البدنية البحتة)
فالذي يجعل الموضوع سهلا او صعبا هو معناه وارتباطه بأمور أخرى بالنسبة للطفل.
يقول المؤلف موضحا ما يريد:"...عندما يتعلم الأطفال بطريقتهم ولأسبابهم الخاصة بهم، فإنهم يتعلمون بشكل أسرع و أكثر فعالية مما لو علمناهم نحن......"
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
لا زلنا مع جون هالت في كتابه "كيف يتعلم الأطفال" .
لمَ لا يستطيع كثيرٌ من الناس الرسمَ بشكل جيد؟
عرَف المؤلفُ الإجابة بعد قراءته لكتاب ترجمة عنوانه" الرسمُ بالجزء الأيمن من الدماغ" فيذكر بأن السبب في ذلك هو اننا ملأنا أدمغتنا برموز بصرية كثيرة جدا لأشياء ليس بمقدورنا رؤية أشكالها الحقيقية في الوقت الذي قمنا فيه بذلك. وبالتالي تحوي أدمغتنا مجموعات من رموز الوجوه البشرية:فالأعين تبدو هكذا والأنوف هكذا والأفواه هكذا. وعندما نحاول رسم وجه نضع هذه الرموز على الورقة،ونضع الأعين في الأعلى ثم الأنوف ثم الأفواه.إلا اننا لا نرتاح لأن الشكل لا يشبه أي أحد.والحل؟ الحل هو أن نضع جانبا هذه الرموز التي في أذهاننا وأن نرسم ما نراه أمامنا وهذا يحتاج إلى بعض المعرفة والحيل والممارسة.وهذا لا يأخذ سنوات بل أشهرا فقط.
المؤلف الآن يتحدث عن الرسم أو الفن بالنسبة للأطفال.ويرى المؤلف- ويلح على هذا- أن الفن طريقة قوية وأساسية بالنسبة لكثير من الأطفال لاكتشاف العالم حولهم وداخلهم وللتعبير عن كثير مما تعلموه وأحسوا به فهو – أي الفن - ليس أمرا هامشيا لا قيمة له بل نشاط إنساني مهم جدا . يقول:"يمكن للفن أن يدرب الدماغ والعين واليد.ولقد ذكرت في كتابي "كيف يخفق الأطفال" بأن تقييم ذكاء الإنسان لا يكون بكمية الأشياء التي نستطيع القيام بها بل كيف نتصرف عندما لا نعرف ماذا نفعل."
وهذا كلام مهم جدا ففي مواقف كهذه يظهر الذكاء الإنساني ، في مواقف ومشكلات تقتضي أن نقدم لها حلا أو إجابة لا وجود لها في أرشيفنا أو الكتب التي قرأناها( لهذا التعليم للفهم مُقدم على التعليم للحفظ فقط) والفن مليء بمشكلات من هذا النوع فالطفل عندما يرسم أو يقوم بعمل فني آخر يواجه هذه المشكلات والذي يحد من قدرته على التفاعل بما يقوم به هو التدخل الكثير من عالم الكبار مصححين ومخطئين ومقيمين بكلماتهم أو بإيماءاتهم الخ.فنضيق الاحتمالات والممكنات وزوايا الرؤية ظانين أننا نحسن صنعا. إن الفن كمجال مفتوح وبلا نهاية محددة يحمل الكثير من الممكنات والاحتمالات وبالتالي يدرب الدماغ كما قال المؤلف سابقا.وإذا أردت أن تحجر على الإنسان فأغلق باب الممكنات أمامه وقولبه في ممكن واحد فقط فيذبل بل تذبل الحضارات بطريقة كهذه .وصدق من قال بأن الفكرة الوحيدة فكرة خطيرة.
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
ما الذي يحدث لو أنك جلست في مكان ما في البيت أو المدرسة – في الفصل- بوجود طلاب صغار وأحضرت ألواحا من الكرتون وأدوات عدة وبدأت بصنع صناديق كرتونية بلا أغطية وإذا سألك الطلاب عما تفعل أجبت:"أقوم بعمل شيء ما"؟؟
هذا ما فعله المؤلف في فصل من الفصول وبدأ الطلاب يسألونه ويجيبهم كما ذكرتُ وعندما انتهى من عدة صناديق أرادوا أن يصنعوا صناديق خاصة بهم وفعلا بدأ الأطفال بالمحاولة ولم يتدخل المعلم –المؤلف- ولاحَظ، وهذا أمر طبيعي، أن الأشكال التي تم قصها لم تكن مناسبة لعمل صندوق كالذي قام به هو إلا أن الأطفال – كما يعبر – لديهم حس البراعة في العمل بدون تدخل الكبار"فعندما نتخلى عن محاولة رشوتهم (يقصد المكافآت) والتنمر عليهم (العقوبات أو التوعد بها)،فإنهم يرغبون في تحسين ما يقومون به"وهكذا انطلقوا في عملهم ولم يسألوه النصيحة إطلاقا أو التوجيه!!!قد يأتي البعض منهم لملاحظته ومراقبة كيف يصنع صناديقه ثم يعود هذا البعض إلى عمله.
وقد راقب المعلم عملَ الطلاب ولكنه لم يأخذ الوقت الكافي لارتباط الطلاب بالمنهج(مرض إتمام المنهج أو المقرر) فلم يُتح للطلاب الوقت الكافي ليصنعوا الصناديق وبالتالي لاكتشاف وتطوير ما يستتبع ذلك من معرفة رياضية –من رياضيات- وهذا يتأتى هنا من عمل الصناديق بأبعاد متساوية ولتحمل كمية معينة من المكعبات الخشبية وعمل صناديق بأشكال مختلفة ، مثلثة أو مربعة أو مستطيلة.
ولاحظ المؤلف أن أحد الطلاب لم يكتف بهذا بل صنع غطاءا للصندوق ثم حوله إلى منزل بنوافذه وأبوابه الخ بلا توجيه من أحد.
وأنشطة كهذه تعلم الطلاب الكثير من الحساب الذي نعلمهم إياه بطريقتنا الجافة المملة ثم نصرخ:"إنهم أغبياء في الرياضيات او الحساب"أو "عندهم صعوبات تعلم" .
يقول المؤلف:"واحدة من الأفكار الرئيسية التي تكمن خلف ما نقوم به في المدرسة هو أن يقضي الطلاب سنوات طويلة في حفظ معلومات مملة قبل البدأ بعمل ما يشوقهم بهذه المعلومات.وهذه طريقة غبية للقيام بالأمور ولا تُثمر................ولكننا لو وضعنا الحصان أمام العربة حيث ينبغي أن يكون ولو جعلنا الطلاب يقومون بأشياء تقتضي أن يعرفوا ويستخدموا هذه الحقائق – المملة بدون هذا الاستخدام لها-فإنهم سيتعلمون هذه الحقائق بسرعة ......."
طلب المؤلف من طلابه أن يرسموا دراجة عادية ، الدراجة التي يرونها كل يوم وقد يستخدمها بعضهم ويلعب بها وبعد أن سلموه رسوماتهم لاحظ أن الأطفال الأذكياء النشطين ذهنيا والذين لا يزالون مهتمين بكيف تعمل الأشياء وتسير في هذا العالم بدلا من حرصهم على الإجابات الصحيحة والابتعاد عن المشاكل هم الذين رسموا دراجات تشبه إلى حد ما الدراجات الحقيقية. ثم وضع الطلاب الآخرين أمام دراجة حقيقية وطلب منهم رسمها ولم تكن النتائج افضل من رسوماتهم السابقة. ويبدو كما يذكر المؤلف أن تمدرسهم (من مدرسة وقد أطلقت على ما يفعله الطلاب في المدرسة أو ما يُفعل بهم تمدرس وهو ليس التعلم) أبعدَهم عن الواقع حتى لم يعد بإمكانهم رؤية الواقع أو التعامل معه.
يقول المؤلف:" لو أنه بإمكان الطلاب القيام بالمزيد من الأعمال التي وصفتها واقترحتُها ، فإنهم لن يحصلوا على المعرفة فقط بل المهارة كذلك.وهذا مهم بالنسبة للطفل. أن يكون الطفل قادرا على القيام بأمر ما بشكل جيد والحصول على نتائج ملموسة يعطيه إحساس بقيمته وكينونته وهذا ما لا يمكنه أن يحصله من العمل المدرسي الروتيني ومن العمل على إرضاء المعلم مهما كان الطالب جيدا في هذين الأمرين الأخيرين." ولهذا لا بد للأطفال من وقت حر جاد للتعرف على العالم بطريقتهم وباختيارهم وبدون إملاء وتوجيه و"انقضاض" من أحد.
ويذكر المؤلف أنه استلم فصلا دراسيا مؤقتا (لغياب المعلمة) وكان من عادة المعلمة كل صباح وضع مجموعة مسائل حسابية في الجمع لا تتجاوز العشرة أي أن مجموع أي عملية جمع لا يتجاوز 10 ، لماذا؟ لإنهم لم يتعلموا أكثر من هذا. ويذكر أنه كان ينسى كتابة المسائل الحسابية فكان الطلاب يكتبونها ويحلونها وفوجيء بأنهم بدؤوا بوضع 70+20=؟ وكثيرا ما دخلوا في نقاشات حول الحل أو الجواب وكانوا قليلا ما يرجعون إليه. وبعد فترة بدأوا بوضع 200+400 بل 230+500 وخلال فترة وجيزة تعلموا أشياء قد يتعلمونها إلا بعد سنوات في المدرسة بالشكل الروتيني. وقد تعلم المؤلف من هذه التجارب أن الحساب لو قُدم للأطفال على أنه حقل يُكتشف لا حقائق تُحفظ فإن كثيرا من الطلاب سيتعلمون الحساب بشكل أسرع.( وهذا لا ينطبق على الحساب فقط )
وفي مرة أخرى أحضر المؤلف "لفة" أوراق وجلس إلى طاولة وبدأ بوضع نقاط على مسافات محددة ثم بدا يعطي كل نقطة رقما بالترتيب 1،2،3 الخ مما أثار فضول الطلاب(الذي تقتله المدارس وتقضي عليه بحجة أننا نعلمهم الصح) وبدأوا بالتقليد ولفت انتباه المؤلف أن البعض وصل إلى 2000 وطبعا قد يسال البعض :"ما الذي تعلمه الطلاب؟" وهذا السؤال يقصدون به كيف سينفعهم هذا في الاختبار وهل سيفيدهم في الإجابة على الأسئلة؟ لقد غلب التمدرسُ التعلم وأصبحنا نعتقد أن التمدرس هو التعلم والضحية ؟ الطالب؟ المجتمع؟
ما مدى أهمية الاختيار بالنسبة للطلاب ؟
يتحدث المؤلف عن تجربة مرّ بها وزميلٌ له مع طلاب الصف الخامس ابتدائي وكيف أنهم أعدوا لهؤلاء الطلاب معملا صغيرا وطرحوا عليهم مسائل حسابية معينة لها علاقة بالأوزان ولاحظوا أن الطلاب لم يبدوا اهتماما كبيرا ولم يتصرفوا كعلماء صغار كما توقع المعلمان. لماذا؟ لأن المعلمَين أعطيا الطلاب مسائل قاما بوضعها ولم يضعها الطلابُ أنفسهم!! وهذه لفتة مهمة.( وأود أن ألفت الانتباه هنا إلى الخطأ الذي يقع فيه البعض مع بناته أو طلابه أو أولاده فيصف عدم إقبالهم على دروسهم وعدم "حفظهم" لها بالكسل أو الإهمال أو الغباء أو عدم القدرة على التركيز أو ضعف مهارة الحفظ الخ واعتقد أن القارئ الذي قرأ المقالات السابقة وهذه المقالة اكتشف أن المسألة ليست غباء أو كسلا الخ)
ويتحدث عن شركة أنتجت مواد رياضية ومنطقية للطلاب وهي عبارة عن مجموعة من القطع الخشبية بألوان وأحجام وأوزان مختلفة بحيث يستطيع الطلابُ استخدامها في العاب تصنيف مختلفة ومتعددة.وقد طوروا هذه الالعاب بدعوة مجموعات صغيرة من الأطفال- اغلبهم في الخامسة من عمره- الى معملهم والعمل معهم بمعنى اللعب سويا وحل المشكلات والمسائل وتجميع الأحجية ولاحظوا أمرا مهما متعلقا باستجابة أو ردة فعل الأطفال تجاه هذه المواد والألعاب.ما الأمر؟؟لو انهم طلبوا من الطفل حال وصوله اللعب وحل المسائل الخ فإنهم لا يصلون إلى شيء.فالطفل يقوم بما يُطلب منه بلا بهجة ولا اهتمام .أما لو تركوا الطفل وحده لفترة من الزمن واتاحوا له حرية اللعب بطريقته هو، فإنهم يحصلون على نتائج مختلفة.ففي البداية يستخدم الأطفال القطع استخدامات شتى منطلقين من خيالهم فبعض القطع يجعلونها آباءهم أو أمهاتهم والبعض الآخر حيوانات ثم ينتقلون إلى أنماط مختلفة فيستخدمون القطع في تشييد المباني وغيرها. وعندما يحدث هذا يكون الأطفال كما يرى المؤلف قد "هضموا" القطع و"ابتلعوها" ذهنيا وعندها فقط يصبحون مستعدين للقيام بألعاب معقدة.ولفت المؤلفُ الانتباه لما قاله" دايفد هاوكنز" وهو – كان-استاذ الفلسفة في جامعة كولورادو ومدير" دراسة العلوم في الابتدائية" في مقالة له عن تعلم العلوم وقد بين "هاوكنز" أنه لتدريس العلوم وغيرها من المواد فإن الطفل يحتاج لوقت لا يُعطاه وهذا الوقت الذي لا يُعطاه ويُحرم منه الطفل ينبغي أن يخصص للنشاط غير الموجه والنشاط الحر.وفيه يُعطى الأطفال مواد وأدوات وتتاح لهم فرصة اختبارها واللعب بها الخ بدون توجيه وبدون أسئلة.ويسمي هذه المرحلة "اللخبطة"أو "العبث".
طبعا ، عالم الكبار وعالم المعلمين يرفض هذا لإنه في نظره فوضى لا تؤدي إلى شيء ولا يتعلم الأطفال منها شيئا.فنحن الكبار مهووسون بالقواعد والتوجيهات والأنماط والقوالب والأحكام والحدود والمسارات المحددة، فإذا أحببت يوما أن تكون طفلا وأن ترى الوجود وما حولك كما كنت تراه وأنت طفل- وهذا صعب بكل تأكيد( وظني أن المبدعين هكذا)- وأمسكت بلعبة ما أو أداة ما فإن واحدا من عالم الكبار كما يشير المؤلف سيسألك:"ما القاعدة التي يفترض أن تتبعها؟"فإذا قلت:"لم لا تراقبها لفترة من الزمن وترى ما يمكنك أن تراه؟"سينصرف المعلم محوقلا (ولهذا يعاني عالم الصغار منا كثيرا وظني بل يقيني أن كثيرا من إخفاقات الطلاب نحن سببها)
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
أصبح واضحا ما يريده المؤلف . يريد أن يعطيَ الأطفالَ وقتا للعبث بعيدا عن التوجيهات والقواعد التي تحكم عالمنا وعقولنا ونحاول إملاءها على الصغار بدون أن نترك لهم فرصة العبث –إن صح التعبير- أو تقليب الأمور التي بين أيديهم بأسلوبهم وبطريقتهم وباختيارهم وبإرادتهم وهذا ينطبق على المواد أو الحقول كلها كالقراءة والكتابة واللغة والحساب والتاريخ الخ.وإذا فعلنا ذلك، سنرى أمورا لا نتوقعها من هؤلاء الأطفال لأن بيئة كهذه وحرية كهذه تتيح لهم البحث ومحاولة التعرف على الأمور والاكتشاف بلا خوف من السخرية أو التنقيص من القدر أو الخوف من الإخفاق أو الخ مما يحدث في معتقلاتنا- أقصد مدارسنا.


ويرى "هاوكنز" أن هذه اللخبطة مهمة لأنها تتيح للطالب أن يبني على ما تعلمه قبل المدرسة.فالتعليم قد بدأ منذ الولادة فلماذا نحصره أو نظن أنه بدأ لحظة دخول الطالب المدرسة؟كما أن هذه المرحلة أي اللخبطة والعبث بالأشياء تجعل من التمهيدي بالنسبة للطفل مكانا مُشوقا لا جافا . وهذا لا يعني أن اللخبطة تتوقف بعد التمهيدي بل ترافق الطالب إلى المراحل العليا ولا يعني هذا أن يبقى الطالب طفلا بل تعني أن يتصرف كالأطفال أحيانا في حبهم للإكتشاف وهو أساس الإبداع.


والإشكال أن كثيرا من المعلمين يريدون أن يكونوا هم مصدر التعلم والحكمة وأن يكونوا مسيطرين على ما يفعله الطفل أو الطالب ويحبون أن يحسوا بأن الطالب بحاجة لهم وإلا فقدوا دورهم في المدرسة.ولا شك أن كثيرا من المعلمين أيضا يودون إعطاء الطلاب فرصا وحرية واستقلالية واختيارات إلا أن الاختبار يحكمهم لأنه –يزعم- يقيس مستوى الطالب التحصيلي كما أن نتائج الطلاب في هذه الاختبارات تبين كما نظن مستوى المعلم وهذا قد يخيفه .
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
"كل من نسميهم عباقرة -رجالا ونساء- هم أناس تمكنوا من عدم إسكات فضولهم وتساؤلاتهم الطفولية وبدلا من ذلك كرّسوا حياتهم لتزويد ذلك الطفل (أي الذي بداخلهم)بالأدوات والمهارات التي يحتاجون إليها للعب على مستوى الراشدين"
Barbara Sher​
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
هذا المقال وضعته أيضا تحت المتاحف التعليمية


وهو عن مشروع "الطيف" كما جاء في كتاب "العقل غير المدرسي"تأليف هاورد غاردنر صاحب نظرية "الذكاء المتعدد"


ما" مشروعُ الطيف" هذا؟؟


يقول غاردنر في كتابه "العقل غير المدرسي":"وهو شكل من تربية الطفولة المبكرة يغطي فترة قبل المدرسة وحتى الصفوف الإبتدائية الأولى." ويذكر أن المشروع بدأ كعمل تقييمي يريد أن يتحقق من : هل يكشف أطفالُ التمهيدي عن ضروب متمايزة من الذكاء؟ وتبين للقائمين على المشروع أنهم- أي الأطفال في سن قبل المدرسة- يظهرون ضروبا متمايزة من الذكاء.ثم تطور المشروع من كونه للتقييم فقط وكشف الذكاءات إلى التربية المبكرة. كيف؟


يوضع الأطفال في بيئة ثرية وخصبة بمواد مشوقة تستثير ذكاءاتهم.كيف؟ المساحة التي يوجد فيها الأطفال فيها مثلا ركن للعلوم الطبيعية وفيه مواد للفحص والمقارنة وركن لسرد القصص حيث يبدع الأطفال قصصهم الخيالية وركن للبناء والتشييد حيث يشيدوا مجسما لفصلهم أو مدينة مصغرة مثلا الخ.وفي الأركان المختلفة هناك راشدون يعملون في هذه الأركان ويلعبون فيها وبذلك يتفاعل الأطفال مع ما يحدث في هذه الأركان وتتاح للأطفال خلال سنة أو أكثر فرصة كبيرة لاستكشاف مناطق التعلم المتنوعة وتتاح للمعلم ان يلاحظ اهتمامات الطفل ومواهبه وذكاءاته ونقاط قوته وضعفه كما ان الطفل يتعلم الكثير هنا من خلال احتكاكه بأركان مختلفة تحوي انشطة والعابا مختلفة . وأود أن أشير إلى نموذج لطالب أشار إليه المؤلف لأنه نموذج يتكرر في مدارسنا ولا يُنتبه له ويتم تصنيفه أو عنونته . والطالب كان يواجه صعوبات في القيام بمهمات الصف الأول ابتدائي دفع معلمته لأن تطلب إعادته إلى صف أدنى.(أليست الخبيرة وما أكثر الخبراء!!!!!!!!!!)


وتم نقلُ الطالب إلى "مشروع الطيف" وهنا برز الطالب في المهمات التي تتطلب تجميعا لأجزاء أو تركيبا لها( كمقبض الباب واشياء أخرى مما يُستخدم في حياتنا اليومية) وتفوق في هذا لا على أقرانه فقط بل على معلميه كذلك (وهل يقبل معلمونا الأشاوس أن يتفوق عليهم طالب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)


وتم تصوير الطالب على شريط فيديو وعرض الشريط على معلمته (الخبيرة!!!!!)( ويحنا كم من الأنفس حطمناها" بخبرتنا"؟؟!!!)


وطالب آخر سأذكر ما قاله المؤلف عنه لأنه نموذج لطلاب كثيرين لا في المدارس فقط بل ليس نموذجا لطلاب فقط (واللبيب من الإشارة يفهم) وهذا الطالب كان- على عكس الأول – ينبئ أداؤه المدرسي بمستقبل مدرسي جيد، وَلما وُضع في مشروع الطيف أصبح أداؤه سيئا. لماذا؟؟؟لاحظوا:" وشعرت معلمته أنه لا يستطيع أن يؤدي على نحو حسن إلا في مواقف تتطلب إجابة صحيحة يوحي له بها –على نحو ما- شخص ذو سُلطة." أما مواد الطيف فلا يستطيع من ألِف الإجابة الصحيحة الواحدة من المعلم مثلا التفاعل معها لأن كثيرا من أنشطتها مفتوحة النهاية ولا تتضمن إجابات صحيحة قاطعة فراح يبحث عمن ينقذه من هذا اليم( لأنه لا يعرف فن العوم) فأخذت المعلمة " تبحث عن طرق لتشجيع تلميذها على ركوب الخطر وتجريب طرائق جديدة والإقرار بأنه ليس هناك دوما إجابات صحيحة وإدراك أن أي إجابة تتضمن غنائم ومغارم معينة"
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
عدنا إلى جون هالت:


ينتقل المؤلف إلى الحديث عن خيال الطفل الجامح ويقول كلاما يحتاج منا –أو مني-لتأمل وتفكير لأنه بالنسبة لي جديد ويذكرني بقضايا كثيرة ويعلمني أمورا كنت أجهلها- ولا زلت أجهل الكثيرَ الكثير الكثير-(يقول الأستاذ العقاد رحمه الله:
"ولكنني أحب الكتبَ لأنّ حياة واحدة لا تكفيني.....ومهما يأكل الانسانُ فإنه لن يأكل باكثر من مَعِدة واحدة ،ومهما يلبس فانه لن يلبس على غير جسد واحد ومهما يتنقلُ في البلاد فانه لن يستطيع ان يحل في مكانين. ولكنه بزاد الفكرِ والشعور والخيال يستطيع ان يجمع الحيوات في عمر واحد ويستطيع ان يضاعف فكره وشعوره وخياله كما يتضاعف الشعورُ بالحب المتبادل وتتضاعف الصورة بين مِرآتين"من كتاب "أنا " للعقاد)
نعود إلى موضوع الخيال لدى الطفل . يقول المؤلف:"في هذا الفصل سأقول شيئا بسيطا لم يُتردد كثيرا من قبل . الأطفالُ يستخدمون الخيال لا للخروج من عالم الواقع بل لدخوله" ويذكر المؤلف ان هناك حديثا كثيرا في علم النفس عن الطفل القادر(مثل السوبرمان أو سبايدر مان) كما لو ان خيال الطفل يستخدمه للخروج من الواقع الى عالم يكون فيه قادرا على كل شيئ.ولكن الاطفال-طبعا قبل ما يقدمه الاعلام اليوم لهم- لا يريدون ان يكونوا كذلك بل يريدون ألا يكونوا ضعفاء فقط .إنهم يريدون أم يكونوا كالكبار في التعامل مع الواقع حديثا وكتابة ومشيا واستخداما للمعدات الخ(وألحظ هذا مع ابنتي سامية وهي تحاول أن تفعل ما يفعله الكبارُ ولا أدري ما الذي يدور في ذهنها إذا لم تنجح في وضع المِفتاح في المكان المخصص له في السيارة لتشغيلها أو محاولة فتح الثلاجة الخ. إنها ترى الكبار يقومون بهذا بنجاح ) والمشكلة اليوم هي أن خيال الطفل يُصنع له بالإعلام. ولتلمس خيال الطفل الحقيقي لا المستورد من الإعلام عليك أن تلاحظه في مراحله المبكرة. (ولكن الآباء مشغولون والأمهات عن هذه الملاحظة الرائعة للطفل في سنواته الأولى وأقصد هنا ملاحظة حب الاكتشاف والمعرفة ويحزنني ويؤلمني أن كثيرا من الآباء والأمهات يسخرون من أطفالهم إذا قالوا أو فعلوا ما لا ينسجم مع عالم الكبار )
ويعود المؤلف إلى ما ذكره من قبل عن الأطفال الذين قدمت لهم قطع مختلفة الألوان والأوزان وكيف فقدوا اهتمامهم بها عندموا وُجهوا وعُلموا كيف يلعبون بها وكيف يستخدمونها إلا أنها أصبحت مشوقة عندما تُركوا ليلعبوا بها بطريقتهم الخاصة واختيارهم ويعلل المؤلفُ هذا بأن الاطفال قبل ان يتعاملوا مع ادوات معينة كما يريد الكبار ، يريدون جعلها حقيقة بالنسبة لهم لا للكبار ويريدون جعلها جزءا من عالمهم الحي(من يصبر على ذلك؟؟أحاول أنا ذلك مع ابنتي سامية فأجعل لها القيادة في أمور معينة ولا أملي عليها رسمة أو طريقة للتعامل مع لعبة . هذا العالم الواسع لماذا أضيقه عليها مبكرا جدا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)
ويوجه المؤلفُ نقدا لطريقة منتسوري التي تملي على الطفل كيف يلعبُ بألعاب معينة ولا تتيح له فرصة اللعب بالطريقة التي يريدها كما انها لا تعترف بتخيلات الطفل بل تريده أن يعيش واقعه والمؤلف كما قلت يرى أن الطفل بتخيله يعيش واقعه!! فهو يرى أن الطفل بتحويل المكعبات أو القطع إلى ماما وبابا الخ يحاول أن يضفي على هذه القطع القدر الأكبر من الحقيقة والواقع وأن الكبار هم الذين يجردون الحقيقة من القطع ويحصرونها في ما صُنعت له فقط فإذا صنعت للوزن مثلا فلا ينبغي أن يلعب بها الطفل إلا للوزن وتعلم الوزن.( ولعلكم تلحظون أن هذا التفكير السقيم يغطي مراحل التعليم كلها للأسف بل يسيطر على ثقافات بكاملها )
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
يذكر المؤلف أن الطفلَ في محاولاته لفهم وتنظيم العالم حوله ، يستخدم التخيل واللعب بطريقتين:
أولا: لاختبار الواقع وعمل ما يقوم به الكبار بالنماذج الرياضية والكمبيوتر مثلا فيسال الطفلُ:"ما الذي يحدث لو....؟"ولا شك أن نماذج الأطفال عن الواقع ليست كالكبار لأن خبرتهم قليلة وبالتالي يتمسكون أثناء اللعب بالقواعد الحياتية كما يفهمونها.فعندما يلعب الأطفال بالطين لتشييد طريقا لتسير عليه المركبات فإنهم يضعون مشكلات حقيقية وهي، مثلا، كيف يمكن نقل البضائع من "أ" إلى "ب" ثم يحلون المشكلة بشكل معين أقرب للواقع الذي كَونوا عنه نماذجَ تُعينهم على الإبحار فيه. فالإنسان لا يمكنه التعامل مع الواقع إلا من خلال نماذج معينة ولا يمكنه حل مشكلات وتجاوز معضلات إلا بنماذج معينة لعله يستقيها من ماضيه(أبيه مثلا) أو من نماذج اطلع عليها لحل المشكلات الإدارية أو الاجتماعية. والطفل يبدأ بتشرب وامتصاص هذه النماذج من المجتمع الذي يعيش فيه ويبدو لي أن الاسراع بفرض نماذج كثيرة على الطفل يحرمه الاستمتاع بالاكتشاف والاستمتاع بتجاوز الخط الذي يفصل الجهل عن المعرفة (ولكن الكبار بنماذجهم يسحقون هذا التطلع لدى الطفل)
ثانيا: باللعب والتخيل يحاولُ الطفل استحلاب "معنى" لما يحدث حوله وعمل نماذج للواقع تثمر وتقوده إلى ما يريد. وأعجبني هذا التشبيه من المؤلف: " الأطفال كالذي يحاول جمع أحجية(وأقصد بها القطع المبعثرة التي بجمعها وترتيبها بشكل معين تحصل على صورة . هل لها إسم آخر؟؟؟) ب 10% فقط من القطع. عليهم هنا اختراع قطع بخيالهم ليملأوا الفراغات. ونحن الكبار لا نحب عمل هذا فإذا لم نكن متأكدين من وجود القطع كلها أو معظمها فلن نقوم بالعمل. إلا أن الأطفال لا ينتظرون حتى يحصلوا على القطع كلها بمعنى المعلومات والخبرات التي يحتاجون إليها لعمل نموذج متماسك وله معنى للواقع.فلا بد من استحلاب المعنى الآن.فخيالهم يُستمد من واقعهم ويرتبط بالواقع ويحاول الوصول للمزيد من الواقع"
وينقل المؤلف قصة رجل بروفيسور في الرياضيات والتعليم يتحدث عن نفسه ويقول بأنه عندما كان في الثانية من عمره بدأ يهتم بأجزاء السيارة وأصبحت أسماء هذه الأجزاء جزءا مهما من حصيلته اللغوية وحفظ الأسماءَ قبل أن يعرف كيف تعمل الأجزاء.وأدى به هذا الاهتمام إلى تعلم الرياضيات بشكل – كما يذكر- ما كان يمكن أن يحدث في التعليم الإبتدائي.يقول:"وفي يوم من الأيام اكتشفت أن بعض الكبار- بل معظمهم- لم يفهموا أو يهتموا بسحر التعشيق(تعشيق السيارة). ولم أعد أفكر كثيرا بالتعشيق إلا أنني لم أبتعد عن الأسئلة التي بدأت بهذا الاكتشاف:كيف يمكن لأمر كان بسيطا جدا بالنسبة لي أن يكون صعبا فهمه من قبل آخرين؟ومع الأيام بدأت بتطوير ما أراه أساس التعلم: كل أمر يكون سهلا إذا استطعت ربطه بنماذجك......" ويقول بأنه (1) لم يطلب منه أحد تعلم التعاشيق المختلفة (2)وقع في حب التعاشيق(3)وأنّ تعلقه بها كان في وهو في الثانية من عمره. ولو أنّ أي "عالم نفس تعليمي"حاول قياس أثر هذا التعلق بالتعاشيق فإنه من المحتمل أن يخفق.ويقول بأن" مدرسة منتسوري لو اقتنعت بقصتي لعلها تصنع تعشيقا للطلاب وبالتالي يمر كل طالب بالتجربة التي مررت بها.ولكن هذا سيضيع اساس القصة: لقد وقعت في حب التعشيق"
ولكن هل يعني هذا أن كل تخيل لطفل سيؤدي إلى مثل هذا؟ طبعا لا.والجواب ب"لا" لا يعني أن نحرم الطفل من تخيله أو أن نفرض عليه ما ينبغي أن يتخيله. اتركوهم يا "كبار"واعطوهم فرصا ومساحات حرية واختيارات.
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
والآن ينتقلُ بنا المؤلفُ إلى قضية مهمة-أو هكذا أراها أنا- وهي الشرح، نعم الشرح الذي نهتم به كثيرا كمعلمين ومعلمات وبشر بصفة عامة وكلنا- أو أغلبنا- يعتقدُ أن باستطاعته أن يأخذ صورة أو تركيبة معينة أو نموذج ذهني (لحل مشكلة مثلا) تطورت (أي الصورة الخ) في ذهنه بعد تجارب وأصبحت مألوفة بالنسبة له ، أن باستطاعته بتحويلها إلى كلمات أن يزرعها في ذهن إنسان آخر.(وهذا ما نفعله مع طلابنا ومع الآخرين وما يفعلونه معنا وما نفعله مع أطفالنا الصغار.....) ويرى المؤلفُ أن البعض ينجح في إيصال الرسالة التي يود أن يرسلها للمستقبل أو للآخر لأسباب قد تشمل جودة الشرح والخبرات المشتركة الخ إلا أن الشرح أحيانا أو كثيرا يقلل من الفهم !!!!!
وإليكم هذه القصة التي طلب فيها معلم من طلابه عمل هَوّايَة يدوية من ورق وأراهم إياها بعد أن أعد واحدة وفعلا قام كل طالب بعمل هواية. ثم أمسك المعلم بكتاب تعليمات لصنع الهواية وقرأ بالتفصيل كيفية صناعة هواية ثم طلب من الطلاب أنفسهم صناعة واحدة أخرى فلم يستطيعوا . ثم جلس المعلم مع كل طالب وحاول أن يقنعه بالعودة إلى ما فعل قبل سماع التوجيهات ولكن بلا فائدة!!!!!( هذا غريب بالنسبة لي)
ولكن ......ولكن المعرفة الإنسانية تُخزن ثم تنتقل بالرموز واللغة أو الكلمات رموز ولا بد ان نعلم الأطفال هذه الرموز لاستخدامها، وهنا نقلنا كيفية صناعة هواية مستخدمين اللغة وهي رموز فلماذا حدث ما حدث؟؟؟!
لاحظ:يرى المؤلف ان السبيل هو أن يتعلموا تحويل عالمهم إلى رموز أولا وبعدها سيتعلمون أخذ المعنى من الرموز(أي تحويل اللغة مثلا إلى معنى أراده مُرسل الكلمات أو الرموز) وليس العكس. وما نفعله في التعليم(التجهيل) هو العكس.ينبغي أن نبدأ بما يراه الاطفال ويفعلونه ويعرفونه واتاحة الفرصة لهم للتحدث والكتابة عن كل هذا قبل التحدث معهم عن امور يجهلونها.(من منا مستعد للاستماع للطفل وهو يعبر بجسمه ووجهه وكلماته وشخبطته ورسوماته الخ بجدية ؟؟)
وهنا ينقل المؤلف كلاما مهما ل"سيمور بابرت" حيث يذكر بابرت ان الاطفال كما يبدو متعلمون بالفطرة وهم يتعلمون الكثير قبل المدرسة(مِن الاطفال مَن يُتقن 3 لغات قبل المدرسة) بدون ان يعلمهم احد كل ذلك بالاسلوب المدرسي( الفاشل) وثقافتنا التعليمية لا تعطي طلاب الرياضيات مثلا اي معنى لما يدرسونه وبالتالي يتعلم هؤلاء الطلاب أسوء نموذج لتعلم الرياضيات(أي مفصولة عن واقعهم)
وعودة إلى موضوع الرموز( ولاحظ أن الرياضيات أيضا رموز لمعنى معين .) ويرى المؤلف ان اعظم خطر للارتباط الكبير بالرموز والامتلاء بالرموز هو اننا لا نستطيع التخلي عنها بعد ذلك (فتحجر واسعا) ولا نستطيع ازاحتها من الطريق عندما لا تكون مفيدة او عندما تكون معيقة للتعلم والبحث والاكتشاف. وتاتي اوقات تبعدنا الكلمات والرموز عن الواقع( قد نعيش بها واقعا آخر) وعندها الحل هو التخلي عنها والعودة الى عقلية الطفل.
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
أتذكرون ما ذكرته في المقال السابق عن خطورة الامتلاء بالرموز والارتباط الكبير بها وكيف أنها تعيق البحثَ والاكتشاف، بل قد تعيق الاستمتاع بالحياة ورؤية الأمور من زوايا جديدة بل تؤدي إلى كوارث بين البشر وسفك دماء (هذا لم يذكره المؤلف)


ورمز واحد كاف لتفجير شحنات عاطفية ونفسية قد تهلك صاحبها أو غيره من الناس( راجع أخبار العالم اليوم) فالتحرر منها لا بد منه وإلا وقعنا في الأسر بدون أن نشعر وأصبحنا حرّاسا لهذا الأسر ندافع عنه ونحارب من يحاول تحريرنا منه(وهذا لم يذكره المؤلف)(أتذكر مقولة اللغة موسوعة الجهل ؟)
يتحدث المؤلفُ عن 3 تجارب حاول فيها أن يتعامل مع ما يحدث أمامه كما يفعل الطفلُ عندما يتعامل مع أمور لا نماذج في ذهنه للتعامل معها ولا قوالب أو أن النماذج لم تكتمل ولم يمتلئ ذهنُه بالرموز.


الأولى وهو عند صديقين يشاهد مبارة لعبة رياضية معينة لا يعرف عنها شيئا.ومع أنه كأي إنسان يرى لاعبين يتحركون أمامه ويسمع تعليقات المعلقين وتصفيق المشجعين إلا أنه لا يفهم شيئا مما يحدث لأن قوانين اللعبة لا يعرفها. ففعل ما يفعله الطفل :شاهد واستمتع واستمع كذلك وبعد نصف المدة فهم امورا كثيرة عن اللعبة وقواعدها وطبعا بقيت تفاصيل كثيرة يجهلها.


وموقف آخر استمع فيه لإثنين يتحدثان لغة اجنبية عنه فبدأ يستمع لأصواتهم ويحاول اعادتها في ذهنه كمن يستع لمقطوعة موسيقية وبعد مضي 40 دقيقة اصبح قادرا على التعرف على بعض الاصوات والكلمات في حديثهما.ولعل – كا يقول-هذا الاستماع" الخام" مفيد لمن يود اكتساب لغة اجنبية.


والموقف الثالث يُشبه الثاني في الموضوع اي انه كان ايضا يستمع للغة اجنبية في اجتماع ذهب اليه مع صديق. والذي اضافه، كما يقول، هنا هو انه فعل امرا آخرَ يفعله الاطفال عندما يستمعون لحديث الكبار فسأل نفسه:"ما الذي يحدث هنا؟"، فهو لا يريد ان يعرف معاني الكلمات فقط بل الأهم من ذلك أي: ما موضوع الاجتماع وما الذي يحسّ به كل واحد من المجتمعين تجاه الاخر وهل يتجادلون ،يسألون،يتفقون؟هل يحب احدهم الآخر؟ فكالاطفال يحاول ان يستحلب المعنى لا من الكلمات بل من الموقف كله.


وهنا يقول المؤلف أمرا مهما يغيب عنا كثيرا وهو ان الطفل يتعلم قواعد اللغة العاطفية أو القواعد العاطفية للغة قبل تعلم قواعد اللغة التركيبة (الفعل والفاعل والمفعول به الخ) ومعاني الكلمات وهذا موضوع في رأيي غاية في الأهمية .


وأود أن أترجم ما يقوله المؤلف قريبا من نهاية الكتاب:" اسمح لي أن الخص ما كنت أحاول قوله عن الطريقة الطبيعية لتعلم الأطفال. الطفل محب للاستطلاع.ويريد ان يفهم الأشياء وان يعرف كيف تسير الامور وان يكتسب الكفاءة ويحقق التحكم في نفسه وبيئته وأن يفعل ما يفعله الكبار.وهو منفتح، لاقط وحاد الملاحظة.ولا يغلق نفسه دون العالم الغريب والمعقد والمربك.بل يلاحظ هذا العالم بدقة ويحاول هضمه.والطفل يحب التجارب.فهو لا يراقب فقط العالمَ بل يتذوقه ويلمسه ويرفعه ويثينيه ويكسره.وليعرف كيف تسير الأمور في هذا العالم ، يبحث عن ذلك.وهو في هذا جريء ولا يخاف الوقوع في الخطأ وصبور ويستطيع تحمل أكبر قدر من الشك والحيرة والجهل والمفاجأة. وليس بالضرورة أن يعرف المعنى المقصود في كل موقف جديد فهو يريد- وقادر على- انتظار المعنى ليأتيه حتى لو جاء بطيئا وهذا ما يحدث"


ثم أضاف المؤلف إلى هذا ما يلي:"الاطفال في الثانية من اعمارهم لا يريدون فقط تعلم عالم الكبار بل ان يكونوا جزءا منه.يريدون ان يكونوا مهرة،منتبهين وقادرين على القيام بالاشياء كما نقوم بها.يريدون التحدث مثلنا بمعنى نقل الافكار والمشاعر وهم بهذا المعنى يتحدثون حتى قبل معرفة كلمات" حقيقية" يتعلمونها لا ليتكلموا عندما يحصلون منها ما يكفي لذلك بل ليتكلموا بشكل أفضل.............."( أي انهم يتواصلون قبل تعلم كلماتنا ويتعلمون كلماتنا ليتواصلوا شكل أفضل)


ويذكر انه من الخطأ الجسيم القول بان على الاطفال، ليتعلموا، تأخير سرورهم بمعنى ان نعلمهم امورا لا معنى لها بالنسبة لهم ولا يستخدمونها على امل ان يستخدموها مستقبلا.(وطبعا عندما نقوم بهذا السخف يفقدون السرور ولا نرى نحن مشكلة في هذا!!!!!!!!!! المهم عندنا ان نعلمهم ما لا معنى له بالنسبة لهم ، ألسنا """خبراء"""!!!!!!) فالطفل يريد ان يقوم بامور حقيقية الآن، لا في المستقبل.يريد القيام بأمور تعطيه حبَ الاستطلاع والطاقة والصبر والتصميم لتعلم ما يتعلمه. والاطفالُ يتعلمون بحماس كبير ورغبة في التعلم وهذا لا يتحقق في المدرسة بجدولها الدراسي التي تقتل في الطفل كل ذلك بحجة ان خبراء يعلمونه(خيبة والله)


والاطفال بحديثهم وكتابتهم الخ يستطيعون تصحيح أنفسهم إذا لم نُشعرهم بالخجل والخوف والعجلة( ونحن نفعل هذا دوما).وهم لا يرون الأخطاء كأشياء سيئة بل كأشياء مختلفة فقط.الاطفال يتعلمون باستقلالية وبدافع الفضول وليس رغبة في ارضاء الكبار ويحبون السيطرة على ما يتعلمونه وكيف يتعلمونه.


يختم المؤلف هذا الفصل الشيق-على الأقل بالنسبة لي- بما يلي:"فإذن، نحن لسنا بحاجة لتحفيز الأطفال ليتعلموا بتملقهم ورشوتهم(أي وعدهم بمكافأة كالحلوى والدرجات والنجوم الخ) او التنمر عليهم(التوعد بالعقوبة أو بالحرمان من الدرجات مثلا).ولسنا بحاجة لازعاج عقولهم للتأكد من انهم تعلموا.ما نحتاج لفعله، وكل ما نحتاج لفعله، هو ان نُحضر اكبر قدر من العالم الى المدرسة والفصل(وهذا يتحقق بالمتاحف التعليمية) وان نعطيَ الاطفالَ التوجيهَ والمساعدة بقدر ما يحتاجون ويطلبون، والاستماع بإنتباه عندما يشعرون برغبة في الكلام ثم الابتعاد عن طريقم وان نثق بانهم سيقومون بما تبقى"
 
15 سبتمبر 2008
1,478
429
0
64
أحب أن أقرأ تجاربَ المعلمين والمعلمات ومن الكتب التي أعجبتني كتابٌ ترجمة عُنوانه" لغات التعلم"، تأليف معلمة هي "كارن جالاس" . وفي الفصل الأول من الكتاب وعنوانه"أن تكون بدائيا،نموذج للبحث الذي يقوم به المعلم" وتقصد بهذا دعوتها المعلم لأن يكون معلما وباحثا في الوقت نفسه.والباحث المكتشف أشبه بالبدائي الذي ينظر إلى الأمور بلا أحكام ومقررات مسبقة.فتذكر المؤلفة أنها كمعلم وباحث يستخدم تقنيات الأنثروبولوجي الوصفي لدراسة حياة الفصل الدراسي تجد نفسها في موقف متميز وغريب. فكمعلمة ، تقف " داخل" أحداث الفصل شاهدة ومشاركة في الحدث وهو يتطور. وكباحثة، تجمع وتحلل البيانات التي شاركت في التأثير في بعضها. وتذكر أن موقعها كمعلمة باحثة يبدأ بأن تضعَ نفسها في حالة "الذي لا يعرف شيئا" والذي" فقد السيطرة على ما يحيط به" من ممارسات روتينية يقوم بها المعلمون والمعلمات يوميا .وهذا يشبه عقل المبتدئ الذي يستقبل الأحداث بحالة الانفتاح وعدم النظام-إن صح التعبير- بدلا من حالة النظام والسير وفق مسارات محددة سلفا.أي ينظر المعلمُ إلى فصله بالخيال بدلا من الذاكرة وبدون صور مسبقة تحد من قدرته على الفهم بدلا من ان توسع هذه القدرة، ويسمح للأطفال بحرية التعبير عن أنفسهم .وما الذي يترتب على هذه الحالة ؟


أولا: تبدأ الأنماط بالظهور في لفصل وبين الطلاب والطالبات وهي أنماط موجودة بالفعل إلا أني لم أكن أراها لأن عيني مغمضتان.


وثانيا:انتقل الى المرحلة الثانية وفيها اعترف بقصوري السابق في رؤية ما يدور حولي، وابدأ بتغيير ممارستي بناءا على ادراك انماط جديدة والتعرف على القيود او التحيزات التي منعتني من الرؤية في عالم الفوضى والارتباك.


إنها تدخل لا بعقل المعلم فقط لأن المعلم يدخل الفصل بأحكام جاهزة ومقررات سابقة ولعله يستمع لما يقوله المعلمون السابقو ن عن الطالب الفلاني والعلاني ناهيك عن الممارسات اليومية التي لا يكاد معلم يتخلى عنها، بل تدخل أيضا بعقل الباحث المكتشف لعالم جديد بلا أنماط وقوالب جاهزة وتصنيفات وهذا يتيح لها الفهم الأوسع للطلاب وبالتالي تؤثر هذه النظرة في عطاء الطلاب .


وتحت عنوان"الاحتفال بالعادي" تقول كلاما أراه مهما جدا:

"لقد علمت الآن ......أن ما كنت احتاجه كطفلة في المدرسة هو معلمة كانت تود الاستماع إلى صوتي وأفكاري والكلمات التي كانت حاضرة ولكني لم أنطقها...معلمة كانت ترغب في أن تعطيني الدعم والأمان وأن تتيح لي مساحة لصوتي ومعلمة كانت تطلب الاستماع لافكاري بصوت مرتفع ومعلمة إذا طلبت مني التحدث بلا خوف ولا إصدار حكم فيّ، لثمنت صوتي لأنه صوتي لا لأني أحمل الإجابة الصحيحة."

وتذكر بانها منذ بداية عملها كمعلمة لم تكن تستطيع العمل الا في فصل يتكلم فيه الاطفال طوال اليوم على عكس فصلها وهي صغيرة ، الفصل الصامت الذي لا يسمح بتكوين صداقات الا خارجه ولا علاقة لهذه الصداقات بالعملية التعليمية.وكل علامة من علامات الحميمية في العلاقة ممنوعة وبالتالي كان اول تمرد لها هو السماح للطالبات والطلاب بالتحدث في الفصل لا معها ولكن مع بعضهم في وارادت ان تسمعهم يتكلمون ويضحكون ويختلفون ويقومون بالاعمال الفنية سويا واللعب والبناء وترى أن بيئة كهذه تعزز قدرتهم على التعلم.