(قريباً) ... في قاموس التخاطب..!

  • نعتذر عن الأخطاء التقنية في الموقع ، جاري العمل على إصلاحها

    هذا المنتدى وقف لله تعالى


إنسان

مشرف عام سابق
27 يوليو 2001
2,844
41
0
www.bafree.net
تتناقل وسائل الإعلام، وبشراهة مفرطة، تصريحات لبعض المعنيين بشؤون الناس وقضاياهم.. وتبرزها بشكل ملفت للنظر، وهم يتحدثون عن ضخامة المشاريع التي ينفذونها أو زيادة الخدمات التي ينتظرها المواطن، بينما هم في واقع الأمر لا يقولون شيئاً ولا يوعدون بشيء!! فهم يبدأون وعودهم الكثيرة بكلمة تعني النفي أكثر مما تعني الاثبات.. فيقولون: "قريباً" سوف يتم كذا وسنعمل كذا، وسيقام كذا وسترون كذا.. ولأن (قريباً) هذه كلمة مصنوعة من مادة مطاطية قابلة للتمدد والانثناء في كل اتجاه، فلا أحد يستطيع تحديد يوم أو شهر أو سنة التنفيذ لما يتحدث عنه المسؤول، فهي حسب روايته في (القريب) المنظور الذي قد يأتي وقد لا يأتي!
والمسؤول هذا يعلم جيداً أن كلمة (قريباً)، اللينة، لا تلزمه بأية مسؤولية، أمام البشر، فيما لو تأخر المشروع عشرات السنين، أو لم ير النور، لأي سبب من الأسباب، مادام أنه أكد في معرض حديثه عنه، أنه سيتم قريباً.. والغريب ان البعض يبالغ في استخدام هذا المطاط ويضيف عليه بعض المحسنات، غير البديعية، والبهارات والملونات لإيهام المستمعين، فيدعي أن التنفيذ سيتم (في القريب العاجل) أو في أقرب فرصة!!! وهو ادعاء لو تعلمون باطل.. فالقريب العاجل هو الآخر غير مرتبط بزمن محدد.. أما في أقرب فرصة فذلك يعني أن الفرص كثيرة ومتنوعة والعمل المنظور سيتم في إحداها، بيد أنه من المستحيل على المرء أن يدرك أي الفرص القادمة ستكون مواتية، ولا متى ستحل الفرصة القريبة؟
لقد ساهم الاستخدام السيئ لهذه الكلمة في قلب معناها الحقيقي، في عقول البشر، فأضحت تعني، في مفهوم العامة، الهروب من المسؤولية أو النفي القاطع لما يأتي بعدها أو قبلها من وعود رنانة. وإلا لماذا لا يحدد الشخص المعني بالموضوع زمان التنفيذ ليهوّن على الناس مشقة الانتظار.. ويمنح البعض فرصة التخطيط لما هو آت، فهناك أمور تُبنى على هذا القادم، وهي تتطلب المعرفة التامة بزمن قدومه.
ومن هنا أصبح من الضروري حذف هذه الكلمة من قاموس التخاطب، وبالذات في الأمور التي تتحدث عن هموم الناس ومعاناتهم.. أو توعد بما ينتظرون قدومه.. فقد أضحت كلمة (قريباً) المتداولة بكثرة، تعني التسويف والمماطلة.. وقد يُفهم منها النفي القاطع لما يتم الحديث عنه من وعود.

جريدة الرياض/منيف القبلان.