عندما تختلف القلوب، وتضيق الصدور، ويدب الخلاف، تصاب الأمة بالأزمة والتفكك، ويعيش المجتمع في كآبة وتفسخ وانهيار، والسبب هو غياب أدب الحوار وفن النقاش والمحاورة وحسن الظن بالآخرين واحترام حق الاختلاف وإبداء الرأي. . ومشكلتنا اليوم أن هناك معالم كثيرة اختفت من حياتنا منها أدب الحوار والنقاش، وكثيرون منا يفضلون الحديث على الاستماع إلى الآخرين،
وإذا فكرنا قليلاً لوجدنا أن الله خلق الإنسان بلسان واحد وأذنين اثنين ليكون الاستماع أكثر من التحدث والكلام. . وعندما تصل الأمور إلى الحدة في النقاش وعدم اختيار الأسلوب المناسب في مخاطبة الآخرين، أو استخدام حوار الطرشان الذي لا يسمع فيه المتكلم رأي من يكلمه، فإن معنى هذا هو غياب فن الحوار الناضج المثمر. . وينبغي على الأمة، رجالاً ونساءً أن تتدرب على فن الحوار وأدب الاختلاف واحترام رأي الآخرين وأن يكون الإقناع والحجة والدليل هو السبيل إلى تبني الرأي والدفاع عنه. .
والتدريب على فن الحوار ينبغي أن يبدأ من البيت . . فالطفل الذي يناقش أبويه ويحاورهما ويبدي رأيه أمامهما دون خوف أو حرج، وعندما يذهب إلى المدرسة يتحاور مع أستاذه ومع زملائه ليصل إلى الصواب. هذا الطفل الذي يعيش أدب الحوار منذ الصغر، ويتدرب عليه في البيت والمدرسة والمسجد والنادي هو لبنة صالحة نضعها في مستقبل هذه الأمة، ونحن بحاجة شديدة إلى أن نضيف لبنات صالحة وقوية وبناءة في مستقبل أمتنا. . إن واجب الأب والأم أن يعيشا أدب الحوار وحق الاختلاف في بيتهما وأن يدربا الأبناء على ذلك، وهي مهمة كبيرة وتحتاج إلى صبر وممارسة، ولكنها أساسية عندما نتحدث عن عوامل قوة المجتمع الإسلامي والأمة الإسلامية ومستقبلها المشرق بإذن الله.