بسم الله الرحمن الرحيم
الباراسيكولوجيا
بقلم: م. حواس محمود. كاتب وباحث من سوريا.
العربي – ع 513 – أغسطس 2001 .
انه علم يبحث عن في الظواهر الطبيعية الخارقة , ويحاول أن يجسد تفسيرا علميا لها , فهل هو علم الخرافات ؟
أم انه مجرد علم غير مألوف ؟
تعني الباراسيكولوجيا حرفيا ( علم ما وراء النفس ) , فلقد تنبه الإنسان منذ القدم لوجود ملكات خفية لديه مثل التخاطر والجلاء البصري والسمعي والقدرة على تحريك والجلاء البصري والسمعي والقدرة على تحريك الأشياء بالفكر , واختراق الماضي والمستقبل , والتعرف على مكامن الماء أو المعادن في الأرض والوجود في مكانين في وقت واحد والطرح النجم أو الخروج من الجسد , ولقد تنازع هذه الملكات جماعتان , جماعة ادّعت ملكيتها وهم المشعوذين والدجالون والسحرة فبغضها الناس , واستبعدوا حقيقة وجودها ولحق العار بمن مارسها مادام هؤلاء رجالها.
أما الجماعة الأخرى فهم المتصوفة والأولياء وأصحاب البصيرة المشاهير الذين دربوها فعلا فانتعشت لدهم هذه الملكات وتبوءوا بها مراكز عالية على مر التاريخ , إلا أنها بقت تجارب ذات طابع فردي لا هيئة لها , حتى عام 1882 م حيث أسست ( جماعة كامبردج ) البريطانية , (جمعية بحث الخوارق ) في فبراير من عام 1882 م , وكان أول رئيس لهذه الجمعية أحد الأسماء المشهورة في المجتمع الأكاديمي ( هنري سيدغويك Henry Sidgwick ) أستاذ الفلسفة في جامعة كامبردج , وكان هدف الجمعية – كما جاء في التقرير الذي نشرته في عام تأسيسها – هو دراسة الظواهر الخارقة والروحانية المختلفة من غير رأي أحكام مسبقة , و بالروحية الحيادية نفسها التي مكنت العالم من دراسة مختلفة الظواهر الطبيعية بشكل دقيق ( 1882 , SPR ) .
وكان من نتائج هذا الاهتمام تأسيس ( الجمعية الأمريكية لبحث الخوارق ) في ولاية بوسطن في عام 1885 التي استقطبت أسماء لا معه في دنيا العالم من بينها عالم النفس المشهور ( وليم جيمس ) .
إن تأسيس الجمعية البريطانية والأمريكية كان بمنزلة الدفع الرئيسي للاهتمام بظواهر البار سيكولوجيا , ولكن هذه الظواهر لم تخضع لدراسات علمية مستمرة ومكثفة إلا بعد حوالي أربعة عقود ففي عام 1927 انتقل عالم النفس الاجتماعي ( وليم ماكدوغل ) إلى جامعة ديوك الأمريكية في ولاية كار ولينا الشمالية ليصبح رئيسا لقسم علم النفس فيها , وانتقل إلى القسم نفسه عالم بيولوجيا النبات المعروف ( جو زيف راين ) ويعدّ المؤسس الحقيقي لعلم دراسة الخوارق المعروف ( الباراسيكولوجيا ) , Parapsychology , وانتقلت معه زوجته أيضا , وقام الزوجان ( راين ) والأستاذ مكدوغال بدراسة الظواهر البار سيكولوجيا بشكل مكثف وفي المحصلة أدت جهودهم إلى إنشاء أول مركز بحث تجريبي للدراسات الباراسيكولوجية في العالم , وهو مختبر الباراسيكولوجيا في جامعة ديوك عام 1934 , ومنذ ذلك الحين استمرت و تكثفت الدراسات حول الباراسيكولوجيا على المستويين النظري والتجريبي حتى إن هناك الآن عشرات الجمعيات العلمية والأكاديمية التي تهتم بدراسة مختلف الظواهر الباراسيكولوجية , وفي ربيع عام 1968 , ومن على تخوم روسيا وسيبريا البعيدة تداعي ما قارب من مائة باحث وعالم للالتقاء بزملائهم الذين جاءوا من أقصى مناطق العالم يحملون معهم أرقى ما توصلت إليه أبحاثهم وأجهزتهم المتطورة لحضور المؤتمر الموسع ( الباراسيكولوجيا ) في موسكو .
إن الظواهر الخارقة هي ظواهر استثنائية تختلف عن الظواهر الطبيعية , على الأقل لكونها ظواهر نادرة وغير مألوفة , إلا أن هذا المظهر بالذات هو الذي يجعل منها ظواهر ذات قيمة استثنائية للعلوم المختلفة إذ إن من يتتبع تاريخ العلوم ومراحل تطورها يلاحظ أن المعارف العلمية المختلفة كثيرا ما تطورت نتيجة لدراسة ظواهر نادرة وغير مألوفة لا حظها العلماء مصادفة خلال دراستهم لظواهر أخرى مألوفة .
فيمكن أن تكون الحوادث الخارقة متمثلة بشعور داخلي ينتاب شخصا ما حول أمر ما ثم تحققه بعد ذلك بساعات , أو أن يتذكر أحدهم شخصا لم يسبق أن تذكره منذ سنين ثم دهشته وهو يربت على كتفه بعد دقائق ليسلّم عليه أو أن يحلم أحدهم ثم يتحقق ذلك الحلم و:انه كان على علم بما جرى ... وغيرها من الحوادث الغربية والتي يقف الإنسان أمامها مشدوها ً .
ويقول كولن ولسون عن ( الباراسيكولوجيا ) بأنها توحد بين نصفي عقل الإنسان ( الوعي و اللاوعي ) ويسميها جزنسون حاسة كامنة مستترة , ويسميها ج – و – دان ( الأنا الثانية ) القادمة على أن ننظر إلى الأمام والوراء في الزمان , وتخذ مفهومه هذا من أن هناك ( عقلا كونيا تكون العقول جوانب صغيرة منه ) ودعاها الفيلسوف برنادلو نرجان ( البصيرة ) في كتابه الذي يحمل العنوان نفسه , ودعاها رونالد هابارد مؤسس علم ( فلسفة العلوم ) كعنصر ثالث يضاف إلى الجسم والعقل , وهذا العنصر في اعتقاده يبقي محصورا داخل الجسم لكنه عندما يكون طليقا يعطينا ظواهر خارجية يسهل تميزها بسبب امتلاكه مجالا مغناطيسيا عجيبا , ودعاها البروفيسور سوبار سكسي , حاسة سادسة لا يزال العلم يجهلها .

الباراسيكولوجيا
بقلم: م. حواس محمود. كاتب وباحث من سوريا.
العربي – ع 513 – أغسطس 2001 .
انه علم يبحث عن في الظواهر الطبيعية الخارقة , ويحاول أن يجسد تفسيرا علميا لها , فهل هو علم الخرافات ؟
أم انه مجرد علم غير مألوف ؟
تعني الباراسيكولوجيا حرفيا ( علم ما وراء النفس ) , فلقد تنبه الإنسان منذ القدم لوجود ملكات خفية لديه مثل التخاطر والجلاء البصري والسمعي والقدرة على تحريك والجلاء البصري والسمعي والقدرة على تحريك الأشياء بالفكر , واختراق الماضي والمستقبل , والتعرف على مكامن الماء أو المعادن في الأرض والوجود في مكانين في وقت واحد والطرح النجم أو الخروج من الجسد , ولقد تنازع هذه الملكات جماعتان , جماعة ادّعت ملكيتها وهم المشعوذين والدجالون والسحرة فبغضها الناس , واستبعدوا حقيقة وجودها ولحق العار بمن مارسها مادام هؤلاء رجالها.
أما الجماعة الأخرى فهم المتصوفة والأولياء وأصحاب البصيرة المشاهير الذين دربوها فعلا فانتعشت لدهم هذه الملكات وتبوءوا بها مراكز عالية على مر التاريخ , إلا أنها بقت تجارب ذات طابع فردي لا هيئة لها , حتى عام 1882 م حيث أسست ( جماعة كامبردج ) البريطانية , (جمعية بحث الخوارق ) في فبراير من عام 1882 م , وكان أول رئيس لهذه الجمعية أحد الأسماء المشهورة في المجتمع الأكاديمي ( هنري سيدغويك Henry Sidgwick ) أستاذ الفلسفة في جامعة كامبردج , وكان هدف الجمعية – كما جاء في التقرير الذي نشرته في عام تأسيسها – هو دراسة الظواهر الخارقة والروحانية المختلفة من غير رأي أحكام مسبقة , و بالروحية الحيادية نفسها التي مكنت العالم من دراسة مختلفة الظواهر الطبيعية بشكل دقيق ( 1882 , SPR ) .
وكان من نتائج هذا الاهتمام تأسيس ( الجمعية الأمريكية لبحث الخوارق ) في ولاية بوسطن في عام 1885 التي استقطبت أسماء لا معه في دنيا العالم من بينها عالم النفس المشهور ( وليم جيمس ) .
إن تأسيس الجمعية البريطانية والأمريكية كان بمنزلة الدفع الرئيسي للاهتمام بظواهر البار سيكولوجيا , ولكن هذه الظواهر لم تخضع لدراسات علمية مستمرة ومكثفة إلا بعد حوالي أربعة عقود ففي عام 1927 انتقل عالم النفس الاجتماعي ( وليم ماكدوغل ) إلى جامعة ديوك الأمريكية في ولاية كار ولينا الشمالية ليصبح رئيسا لقسم علم النفس فيها , وانتقل إلى القسم نفسه عالم بيولوجيا النبات المعروف ( جو زيف راين ) ويعدّ المؤسس الحقيقي لعلم دراسة الخوارق المعروف ( الباراسيكولوجيا ) , Parapsychology , وانتقلت معه زوجته أيضا , وقام الزوجان ( راين ) والأستاذ مكدوغال بدراسة الظواهر البار سيكولوجيا بشكل مكثف وفي المحصلة أدت جهودهم إلى إنشاء أول مركز بحث تجريبي للدراسات الباراسيكولوجية في العالم , وهو مختبر الباراسيكولوجيا في جامعة ديوك عام 1934 , ومنذ ذلك الحين استمرت و تكثفت الدراسات حول الباراسيكولوجيا على المستويين النظري والتجريبي حتى إن هناك الآن عشرات الجمعيات العلمية والأكاديمية التي تهتم بدراسة مختلف الظواهر الباراسيكولوجية , وفي ربيع عام 1968 , ومن على تخوم روسيا وسيبريا البعيدة تداعي ما قارب من مائة باحث وعالم للالتقاء بزملائهم الذين جاءوا من أقصى مناطق العالم يحملون معهم أرقى ما توصلت إليه أبحاثهم وأجهزتهم المتطورة لحضور المؤتمر الموسع ( الباراسيكولوجيا ) في موسكو .
إن الظواهر الخارقة هي ظواهر استثنائية تختلف عن الظواهر الطبيعية , على الأقل لكونها ظواهر نادرة وغير مألوفة , إلا أن هذا المظهر بالذات هو الذي يجعل منها ظواهر ذات قيمة استثنائية للعلوم المختلفة إذ إن من يتتبع تاريخ العلوم ومراحل تطورها يلاحظ أن المعارف العلمية المختلفة كثيرا ما تطورت نتيجة لدراسة ظواهر نادرة وغير مألوفة لا حظها العلماء مصادفة خلال دراستهم لظواهر أخرى مألوفة .
فيمكن أن تكون الحوادث الخارقة متمثلة بشعور داخلي ينتاب شخصا ما حول أمر ما ثم تحققه بعد ذلك بساعات , أو أن يتذكر أحدهم شخصا لم يسبق أن تذكره منذ سنين ثم دهشته وهو يربت على كتفه بعد دقائق ليسلّم عليه أو أن يحلم أحدهم ثم يتحقق ذلك الحلم و:انه كان على علم بما جرى ... وغيرها من الحوادث الغربية والتي يقف الإنسان أمامها مشدوها ً .
ويقول كولن ولسون عن ( الباراسيكولوجيا ) بأنها توحد بين نصفي عقل الإنسان ( الوعي و اللاوعي ) ويسميها جزنسون حاسة كامنة مستترة , ويسميها ج – و – دان ( الأنا الثانية ) القادمة على أن ننظر إلى الأمام والوراء في الزمان , وتخذ مفهومه هذا من أن هناك ( عقلا كونيا تكون العقول جوانب صغيرة منه ) ودعاها الفيلسوف برنادلو نرجان ( البصيرة ) في كتابه الذي يحمل العنوان نفسه , ودعاها رونالد هابارد مؤسس علم ( فلسفة العلوم ) كعنصر ثالث يضاف إلى الجسم والعقل , وهذا العنصر في اعتقاده يبقي محصورا داخل الجسم لكنه عندما يكون طليقا يعطينا ظواهر خارجية يسهل تميزها بسبب امتلاكه مجالا مغناطيسيا عجيبا , ودعاها البروفيسور سوبار سكسي , حاسة سادسة لا يزال العلم يجهلها .