قال الله تعالى: {فأَقِمْ وَجهَكَ للدِّينِ حَنيفاً فِطْرَةَ الله الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عليها لا تبديلَ لخَلْقِ الله ذلك الدِّينُ القَيِّمُ ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يعلمون(30)}
سورة الروم
تعدُّ الآية موضوع البحث دعوة عامَّة لكلِّ إنسان على هذه الأرض ليبرمج حياته كلَّها وفق تعاليم الدِّين الحنيف، ويتوجَّه إليه قلباً وقالباً. فهذا الدِّين هو العاصم من الأهواء الَّتي لا تستند إلى حقٍّ، ولا تستمدُّ من علم، إنما تتبع الشهوات والنزوات بغير ضابط ولا دليل، فهي طرق متفرقة متشعِّبة لا يجوز للعاقل أن يسير فيها لئلا يضل، وإنما ينبغي أن يبقى مستقيماً مبتعداً عن كلِّ سلوك يضلُّه ويؤدِّي به إلى الخسران.
ولو أننا أمعنَّا النظر في جوهر الدِّين، لرأينا فيه سعادة الإنسان المفطور أصلاً على التلاؤم معه وعلى عشق هذه السعادة الصافية النقية، الَّتي تشعُّ منه لتشمل الإنسان ومن يلوذ به من قريب أو بعيد، ثمَّ تأتيه الظروف، والعوامل الخارجية الَّتي تجرفه عن نقاء هذه الفطرة، يقول صلى الله عليه وسلم : «مامن مولودٍ إلا يولد على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه» (رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ). وبذلك يربط القرآن الكريم بين فطـرة النفـس البشـرية وتعاليم الدِّين، فكلاهما من صنع الله الَّذي أحسن كلَّ شيء خَلَقه، وكلاهما موافق لناموس الوجود، وكلاهما متناسق مع الآخر في طبيعته واتجاهه. والله الَّذي خلق الإنسان هو الَّذي أنزل إليه هذا الدِّين ليهديه ويرشده، ويحميه من الأمراض ويقوِّمه من الانحراف، وهو أعلم بمن خلق، وهو اللطيف الخبير.
فالفطرة ثابتة والدِّين ثابت، فإذا ما انحرفت النفوس عن الفطرة لم يردَّها إلا الدِّين المتناسق معها، لذلك تتبعثر جهود جميع المدارس الفكريَّة الَّتي تلهث وراء سعادة الإنسان بعيداً عمَّا فُطر عليه وتضيع سدىً. لكنَّ انغماس الإنسان في حمأة المادَّة، وأدران الرذيلة، وبُعده عن تعاليم الله يحجب عنه نور الإيمان، ويجعل قلبه في معزل عن معرفة الحقِّ، وهذا الَّذي وصفته الآية الكريمة: {ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يعلَمون} فيتبع الهوى بغير علم، ويضلُّ عن الطريق الموصل إلى النجاة على الرغم من استقامة هذه الطريق ووضوحها، ويختار الطرق الملتوية الَّتي تؤدِّي إلى سوء العاقبة والندامة، فهو في حاجة إلى صحوة سريعة تنجيه ممَّا هو فيه، وتضع قدميه على طريق السعادة والنجاح.
سورة الروم
- لو تُرك الحسُّ الدِّيني عند الطفل ينمو بشكل حيادي دون مؤثِّرات خارجية سلبية لتوافقت طبائعه مع التربية الدِّينية، لأن كلَّ مولود يولد على الفطرة، وهذه سنَّة الله في خلقه، وليس لسنَّة الله تبديلاً.
- إن جهل الناس بقِيَم الدِّين الحقِّ وأهدافه السامية في إقامة المجتمع الفاضل، واتِّباعهم نهج المجتمع المنحرف الَّذي يعيشون فيه، يُبعدهم عن دين الله، فإن لم تُتَح لهم فُرص التعرُّف عليه، فسوف يخبطون في الحياة خبط عشواء، ولا ينعمون بأمن أو طمأنينة أو سلام.
تعدُّ الآية موضوع البحث دعوة عامَّة لكلِّ إنسان على هذه الأرض ليبرمج حياته كلَّها وفق تعاليم الدِّين الحنيف، ويتوجَّه إليه قلباً وقالباً. فهذا الدِّين هو العاصم من الأهواء الَّتي لا تستند إلى حقٍّ، ولا تستمدُّ من علم، إنما تتبع الشهوات والنزوات بغير ضابط ولا دليل، فهي طرق متفرقة متشعِّبة لا يجوز للعاقل أن يسير فيها لئلا يضل، وإنما ينبغي أن يبقى مستقيماً مبتعداً عن كلِّ سلوك يضلُّه ويؤدِّي به إلى الخسران.
ولو أننا أمعنَّا النظر في جوهر الدِّين، لرأينا فيه سعادة الإنسان المفطور أصلاً على التلاؤم معه وعلى عشق هذه السعادة الصافية النقية، الَّتي تشعُّ منه لتشمل الإنسان ومن يلوذ به من قريب أو بعيد، ثمَّ تأتيه الظروف، والعوامل الخارجية الَّتي تجرفه عن نقاء هذه الفطرة، يقول صلى الله عليه وسلم : «مامن مولودٍ إلا يولد على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه» (رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ). وبذلك يربط القرآن الكريم بين فطـرة النفـس البشـرية وتعاليم الدِّين، فكلاهما من صنع الله الَّذي أحسن كلَّ شيء خَلَقه، وكلاهما موافق لناموس الوجود، وكلاهما متناسق مع الآخر في طبيعته واتجاهه. والله الَّذي خلق الإنسان هو الَّذي أنزل إليه هذا الدِّين ليهديه ويرشده، ويحميه من الأمراض ويقوِّمه من الانحراف، وهو أعلم بمن خلق، وهو اللطيف الخبير.
فالفطرة ثابتة والدِّين ثابت، فإذا ما انحرفت النفوس عن الفطرة لم يردَّها إلا الدِّين المتناسق معها، لذلك تتبعثر جهود جميع المدارس الفكريَّة الَّتي تلهث وراء سعادة الإنسان بعيداً عمَّا فُطر عليه وتضيع سدىً. لكنَّ انغماس الإنسان في حمأة المادَّة، وأدران الرذيلة، وبُعده عن تعاليم الله يحجب عنه نور الإيمان، ويجعل قلبه في معزل عن معرفة الحقِّ، وهذا الَّذي وصفته الآية الكريمة: {ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يعلَمون} فيتبع الهوى بغير علم، ويضلُّ عن الطريق الموصل إلى النجاة على الرغم من استقامة هذه الطريق ووضوحها، ويختار الطرق الملتوية الَّتي تؤدِّي إلى سوء العاقبة والندامة، فهو في حاجة إلى صحوة سريعة تنجيه ممَّا هو فيه، وتضع قدميه على طريق السعادة والنجاح.