ما الفرق بين الحالتين ؟
ولننظر إلى ما أحل الله وما حرم الله..
ثم لننظر إلى النفس البشرية على عمومها لنرى ماذا تفعل ..ولنعرف
يقينا أن هذه النفس تعرف ما أحل الله وتستريح له وتنسجم معه..وتعرف
ما حرم الله فيصيبها انزعاج واضطراب وذعر وهي ترتكبه ..وأول هذه
الأشياء هو العلاقة بين الرجل والمرأة
إذا جاءك رجل وقال:أريد أن أختلي في حجرة أبنتك..ماذا تفعل
به؟..قد تقتله..وإن لم تقتله فقد تضربه..ويعينك على ذلك كل الناس..
وسيجد فعله هذا استنكارا عاما من المؤمن وغير المؤمن.
فإذا جاءك هذا الرجل وقال:أريد أن أتزوج ابنتك فإنك تستقبله
بالترحاب وتدعو الناس للترحيب به..وتعلن النبأ على الجميع..وتعقد القران
وبعد عقد القران تتركه هو وابنتك في الحجرة..وتوافق على الخلو بينهما.
ما الفرق بين الحالتين ؟بعض الناس يقول إنها وثيقة الزواج التي تحرر
فهل الفرق هو الورقة فعلا؟ ..لا.. الفرق هو الحلال والحرام..
ما أحله الله وما حرمه ..ما أحله الله ينسجم مع النفس البشرية ويقبله كل
الناس ..وما حرمه الله تستنكره كل نفس بشرية وتنفعل ضده.
كيف يحدث هذا ؟.. لأنك عرفت يقينا منهج الحق والباطل..وممن
عرفته؟.. من الذي وضعه..ليس هذا فقط..بل انظر إلى إنسان في
شقته مع زوجته ..مطمئن تماما يدخل أمام الناس إلى بيته ..وإذا طرق
الباب قام وفتح للطارق..وإذا جاء صديق استقبلته باطمئنان ..وإذا خرج
إلى الشارع أخذ زوجته معه أمام الناس جميعا ..انظر إلى نفس الشخص
مع زوجة غيره ..يغلق الأبواب والنوافذ حتى لا يراه أحد..وإذا طرق الباب
انزعج ولا يفتح ..وإذا جاءه صديق أصيب بالذعر.. وإذا خرج إلى الشارع
مشى بعيدا عنها.
ما الفارق بين الحالتين؟.. الفارق هو الحلال والحرام اللذان تعرفهما
كل نفس, حتى تلك التي لم تقرأ شيئا عن الدين.
فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى أوجه الحياة .. لص يريد أن يسرق ..يتأكد
أولا من أن الطريق خال .. ولا يجرؤ أن يفعل ذلك إلا في الظلام أو بعيدا
عن الناس ..وبمجرد أن يأخذ ما يريد أن يسرقه ينطلق بسرعة وهو
يتلفت يمينا ويسارا خوفا من أن يراه أحد ..ثم يبحث عن مكان يخفي
فيه المسروقات..انفعالات رهيبة في داخله تؤكد أنه يعرف أن ما يفعله
إثم وخطيئة ..لكن الإنسان عندما يريد أن يدخل بيته ليأخذ شيئا دخل
أمام الناس جميعا ومشى باطمئنان ..وحمل الشيء الذي يريده وهو لا
يخشى أن يراه أحد ..ذلك أنه يحس في داخله بأنه يفعل شيئا لا يحرمه الله !
..الذي يأخذ رشوة مثلا ..يتلفت حوله يمينا ويسارا ويسارع
بإخفائها ..والذي يقبض مرتبه يفعل ذلك أمام الدنيا كلها .
عالم عجيب .ويحير !
اللهم ارحم محمد متولي الشعراوي
وانتظروني فيما بعد .. ان شاء الله بكتاباته .
مواقع النشر (المفضلة)